للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لما ذكر أهل الضلالة الأشقياء، عطف بذكر الأبرار السعداء، من الذين آمنوا بقلوبهم، وصدقوا إيمانهم بأفعالهم، فعملوا الصالحات من جميع أنواع القربات، [وتركوا المنكرات] [١]، فأورثهم ذلك سكنى الدرجات العاليات، في روضات الجنات.

ولما [ذكر تعالى] [٢] أنه أضل أولئك وهدى هؤلاء، قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ﴾.

﴿مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيدُهُ مَا يَغِيظُ (١٥) وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ (١٦)

قال ابن عباس: من كان يظن أن لن ينصر [٣] الله محمدًا، ، في الدنيا والآخرة، ﴿فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ﴾، أي: بحبل ﴿إِلَى السَّمَاءِ﴾، أي: سماء بيته، ﴿ثُمَّ لْيَقْطَعْ﴾، يقول: ثم ليختنق به. وكذا قال مجاهد، وعكرمة، وعطاء، وأبو [٤] الجوزاء، وقتادة، وغيرهم.

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: ﴿فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ﴾، أي: ليتوصل إلي بلوغ السماء، فإن النصر إنما يأتي محمدًا من السماء، ﴿ثُمَّ لْيَقْطَعْ﴾ ذلك عنه، أن قدر على ذلك.

وقول ابن عباس وأصحابه أولى وأظهر في المعنى، وأبلغ في التهكم؛ فإن المعنى: من كان [٥] يظن [٦] أن الله ليس بناصر محمدًا وكتابه ودينه، فليذهب فليقتل نفسه إن كان ذلك غائظه، فإن الله ناصره لا محالة، قال الله تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (٥١) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾ ولهذا قال: ﴿فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيدُهُ مَا يَغِيظُ﴾.

قال السدي: يعني من شأن محمد [٧]، .

وقال عطاء الخراساني: فلينظر هل يشفي ذلك ما يجد في صدره من غيظ [٨].


[١]- سقط من ز، خ.
[٢]- في ز، خ: "وقد يقال".
[٣]- في ز: ينصره.
[٤]- في ز، خ: "وابن".
[٥]- سقط من ز، خ.
[٦]- في ز: ظن.
[٧]- في ز: محمدًا.
[٨]- في خ: "الغيظ".