للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عَابِدُونَ (٤٧) فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ (٤٨) وَلَقَدْ آتَينَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٤٩)

يخبر تعالى أنه بعث رسوله موسى وأخاه هارون إلى فرعون وملائه، بالآيات والحجج الدامغات، والبراهين القاطعات، وأن فرعون وقومه استكبروا عن اتباعهما، والانقياد لأمرهما؛ لكونهما بشرين، كما أنكرت الأمم الماضية بعثة الرسل من البشر، تشابهت قلوبهم، فأهلك اللَّه فرعون وملأه، وأغرقهم في يوم واحد أجمعين، وأنزل على موسى الكتاب، وهو: التوراة، فيها أحكامه: أوامره ونواهيه، وذلك بعدما قصم اللَّه فرعون والقبط، وأخذهم أخذ عزيز مقتدر، وبعد أن أنزل اللَّه التوراة لم يهلك أمة بعامة، بل أمر المؤمنين بقتال الكافرين، كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَينَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ [ثم قال تعالى] [١]

﴿وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَينَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ﴾.

يقول تعالى مخبرًا عن عبده ورسوله عيسى ابن مريم أنه جعلهما آية للناس، أي: حجة قاطعة على قدرته على ما يشاء، فإنه خلق آدم من غير أبٍ ولا أمٍ، وخلق حواء من ذكرٍ بلا أنثى، وخلق عيسى من أنثى بلا ذكر، وخلق بقية الناس من ذكر وأنثى.

وقوله: ﴿وَآوَينَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ﴾، قال الضحاك عن ابن عباس: الربوة: المكان المرتفع من الأرض، وهو أحسن ما يكون فيه النبات. وكذا قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وقتادة.

قال ابن عباس: وقوله: ﴿ذَاتِ قَرَارٍ﴾ يقول: ذات خصب ﴿وَمَعِينٍ﴾ يعني ماء طاهرًا.

وقال مجاهد: ربوة مستوية.

[وقال سعيد بن جبير: ﴿ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ﴾ استوى الماء فيها] [٢].

وقال مجاهد وقتادة: ﴿وَمَعِينٍ﴾: الماء الجاري.

ثم اختلف المفسرون في مكان هذه الربوة في أي أرض هي؟ فقال عبد الرحمن بن زيد


[١]- سقط من ت، خ.
[٢]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ.