للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المبارك، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي أيوب، عن عبد الله بن عمرو، قال: إن أهل جهنم يدعون مالكا فلا يجيبهم أربعين عامًا، ثم يرد عليهم: إنكم ماكثون. قال: هانت دعوتهم - والله - على مالك ورب مالك، ثم يدعون ربهم فيقولون: ﴿قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ (١٠٦) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ﴾ قال: فيسكت عنهم قدر الدنيا مرتين ثم يرد عليهم: ﴿اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾ قال: فوالله ما نبس القوم بعدها بكلمة واحدة [١]، وما هو إلا الزفير والشهيق في نار جهنم، قال: فشبهت أصواتهم بأصوات الحمير، أولها زفير وآخرها شهيق.

وقال [ابن أبي حاتم] [٢] أيضًا: حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا سفيان، عن سلمة بن كهيل، حدثنا أبو الزعراء قال: قال عبد الله بن مسعود: إذا أراد الله تعالى أن لا يخرج منهم أحدًا -يعني من جهنم- غيَّر وجوههم وألوانهم، فيجيء الرجل [من المؤمنين] [٣] فيشفع فيقول: يا رب؛ فيقول الله: من عرف أحدًا فليخرجه، فيجيء الرجل من المؤمنين فينظر فلا يعرف أحدًا، [فيناديه الرجل: يا فلان] [٤]، أنا فلان. فيقول: ما أعرفك! قال [٥]: فعند ذلك يقولون [٦]: ﴿رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ﴾ فعند ذلك يقول الله تعالى: ﴿اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾ فإذا قال ذلك أطبقت عليهم النار [٧]، فلا يخرج منهم أحد [٨].

ثم قال تعالى مذكرًا لهم بذنوبهم في الدنيا وما كانوا يستهزئون بعباده المؤمنين وأوليائه؛ فقال تعالى: ﴿إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (١٠٩) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا﴾ أي: فسخرتم منهم في دعائهم إياي، وتضرعهم إليّ ﴿حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي﴾ أي: حملكم بغضهم على أن نسيتم معاملتي ﴿وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ﴾ أي: من صنيعهم وعبادتهم؛ كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (٢٩) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ﴾ أي: يلمزونهم استهزاء.

ثم أخبر تعالى عما جازى به أولياءه وعباده الصالحين، فقال تعالى: ﴿إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا﴾ أي: على أذاكم لهم، واستهزائكم بهم [٩] ﴿أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ [أي جعلناهم هم الفائزون] [١٠] بالسعادة والسلامة والجنة والنجاة [١١] من النار.


[١]- سقط من: ز، خ.
[٢]- سقط من ز.
[٣]- سقط من ز.
[٤]- ما بين المعكوفتين في ز، خ: "فيقول".
[٥]- سقط من: ز، خ.
[٦]- في ز: يقول.
[٧]- سقط من ز.
[٨]- في ز، خ: "بشر".
[٩]- في ز، خ: "منهم".
[١٠]- ما بين المعكوفتين سقط من: ت.
[١١]- في ز، خ: "الناجون".