للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُؤْمِنُونَ﴾، أي: أنا مبلغ ومنذر، ﴿فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ﴾، أي: لي سوية الرسل الذين أنذروا قومهم، وقاموا بما عليهم من أداء الرسالة إليهم، وخَلَصُوا من عهدتهم، وحساب أممهم على الله، كقوله تعالى: ﴿فَإِنَّمَا عَلَيكَ الْبَلَاغُ وَعَلَينَا الْحِسَابُ﴾ وقال: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ وَكِيلٌ﴾.

﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا﴾، أي: لله الحمد الذي لا يعذب أحدًا إلا بعد قيام الحجة عليه، والإِعذار إليه؛ ولهذا قال: ﴿سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا﴾، كما قال تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾.

وقوله: ﴿وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [١]﴾ أي: بل هو شهيد علي كل شيء.

قال ابن أبي حاتم: ذكر عن أبي عمر الحوضي حفص بن عمر: حدثنا أبو أمية بن يعلى الثقفي، حدثنا سعيد بن أبي سعيد، سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله : "يا أيها الناس، لا يَغْترَّنَّ أحدكم بالله، فإن الله لو كان غافلًا شيئًا لأغفل البعوضة والخردلة والذرة" (٣٧).

[وقال أيضًا] [٢]: حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا نصر بن علي، قال أبي: أخبرني [] [٣] خالد بن قيس، عن مطر، عن عمر بن عبد العزيز قال: فلو كان الله مغفلًا شيئًا لأغفل ما تَعفي الرياح من أثر قدمي ابن آدم.

وقد ذكر عن الإِمام أحمد أنه كان ينشد هذين البيتين، إمّا له أو لغيره:

إذَا مَا خَلَوتَ الدّهْرَ يَومًا فَلا تَقُل … خَلَوتُ، وَلكن قُل: عَليَّ رَقيب

وَلا تَحْسَبنَّ اللهَ يَغْفَل سَاعَة … وَلا أن مَا يَخْفى عَلَيه يَغيب

* * *


(٣٧) ورواه الديلمي في مسند الفردوس حديث (٨١٦٧) من طريق أبي أمية بن يعلى به.