للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسلم فقرأ ﴿طسم﴾، حتى إذا بلغ قصة موسى قال: "إن موسى آجر نفسه ثماني سنين -أو: عشر [١]، سنين- على عفة فرجه وطعام بطنه" (٦).

وهذا الحديث من هذا الوجه ضعيف؛ لأن مسلمة بن عليّ -وهو الخُشَني الدمشقي البلاطيّ- ضعيف الرواية عند الأئمة، ولكن قد رُوي من وجه آخر، وفيه نظر أيضًا.

فقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا صفوان، حدثنا الوليد، حدثنا عبد الله بن لَهِيعة، عن الحارث بن يزيد الحضرمي، عن عليّ بن رَبَاح اللخمي، قال: سمعت عتبة بين النُّدَّر [٢] السلمي صاحب رسول الله يحدث أن رسول الله قال: "إن موسى آجر نفسه بعفة فرجه، وطعمة بطنه" (٧).

وقوله تعالى إخبارًا عن موسى : ﴿قَال ذَلِكَ بَينِي وَبَينَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَينِ قَضَيتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ﴾، يقول: إن موسى قال لصهره: الأمر علي ما قلت من أنك استأجرتني علي ثماني سنين، فإن أتممت عشرًا فمن عندي، فأنا متى فعلت أقلهما برئت من العهد، وخرجت من الشرط، ولهذا قال: ﴿أَيَّمَا الْأَجَلَينِ قَضَيتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ﴾، أي: فلا حرج عليّ مع أن الكامل -وإن كان مباحًا- لكنه فاضل من جهة أخرى، بدليل من خارج، كما قال تعالى: ﴿فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَينِ فَلَا إِثْمَ عَلَيهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيهِ﴾.

وقال رسول الله، ، لحمزة بن عمرو الأسلمي وكان كثير الصيام، وسأله عن الصوم في السفر فقال: "إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر" (٨). مع أن فعل الصيام راجح من دليل آخر. هذا، وقد دل الدليل علي أن موسى إنما فعل أكمل الأجلين وأتمهما، قال البخاري (٩):

حدثنا محمد بن عبد الرحيم، حدثنا سعيد بن سليمان، حدثنا مروان بن شُجاع، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير [قال] [٣]: سألني يهودي من أهل الحيرة: أي الأجلين قضى موسى؟ فقلت: لا أدري حتى أقدمَ على حَبْر العرب فأسأَله. فقدمت فسألت ابن


(٦) سنن ابن ماجه برقم (٢٤٤٤)، وضعفه البوصيري في الزوائد (٢/ ٢٦٠) لتدليس بقية بن الوليد.
(٧) ورواه البزار في مسنده برقم (١٤٩٥) "كشف الأستار" من طريق يحيى بن بكير عن ابن لهيعة بأطول منه، وفي إسناده ابن لهيعة وهو ضعيف.
(٨) رواه أحمد في مسنده (٣/ ٤٩٣)، والنسائي في السنن (٤/ ١٨٥).
(٩) صحيح البخاري برقم (٢٦٨٤).