للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله، علي نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله، على نور من الله [لله] [١]، مخافة عذاب الله.

وقوله: ﴿وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ﴾، أي: لا تسمع منهم ولا تستشرهم [٢]، ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾، أي: فهو أحق أن تتبع أوامره وتطعه، فإنه عليم بعواقب الأمور، حكيم في أقواله وأفعاله، ولهذا قال: ﴿وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيكَ مِنْ رَبِّكَ﴾، أي: من قرآن وسنة، ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾، أي: فلا تخفى عليه خافية. ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾، أي: في جميع أمورك وأحوالك، ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾ أي: وكفى به وكيلًا لمن توكل عليه وأناب إليه.

﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَينِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (٤) ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيسَ عَلَيكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (٥)

يقول تعالى موطئًا قبل المقصود المعنوي أمرًا حسيًّا معروفًا، وهو أنه كما لا يكون للشخص الواحد قلبان في جوفه، ولا تصير زوجته التي يظاهر منها بقوله: أنت عَلَيَّ كظهر أمي- أمًّا له، كذلك لا يصير الدّعيّ ولدًا للرجل إذا تبنّاه فدعاه ابنًا له، فقال: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَينِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ﴾، كقوله: ﴿مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إلا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا﴾.

وقوله: ﴿وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ﴾، هذا هو المقصود بالنفي، فإنها نزلت في شأن زيد بن حارثة مولى النبي، ، كان النبي، ، قد تبناه قبل النبوة، وكان يقال له: "زيد بن محمد"، فأراد الله تعالى أن يقطع هذا الإلحاق وهذه النسبة بقوله: ﴿وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ﴾، كما قال في أثناء السورة: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمًا﴾. وقال هاهنا: ﴿ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ﴾، يعني تبنيكم لهم قول لا يقتضي أن يكون ابنًا حقيقيًّا، فإنه مخلوق من صلب رجل آخر، فما يمكن أن يكون له أبوان، كما لا يمكن أن


[١]- ما بين المعكوفتين سقط من ت.
[٢]- في ز، خ "تستشيرهم".