للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿فَقَالُوا﴾، أي: لأهل تلك القرية: ﴿إِنَّا إِلَيكُمْ مُرْسَلُونَ﴾، أي: من ربكم الذي خلقكم، نأمركم بعبادته وحده لا شريك له. قاله أبو العالية.

وزعم قتادة بن دعامة: أنهم كانوا رسل المسيح إلى أهل أنطاكية.

﴿قَالُوا مَا أَنْتُمْ إلا بَشَرٌ مِثْلُنَا﴾، أي: فكيف أوحي إليكم وأنتم بشر ونحن بشر، فلم لا أوحيَ إلينا مثلكم؟ ولو كنتم رسلًا لكنتم ملائكة. وهذه شُبَه كثير من الأمم المكذبة، كما أخبر اللَّه تعالى عنهم في قوله: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا﴾؟، فاستعجبوا من ذلك وأنكروه، وقوله: ﴿قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إلا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾. وقوله حكاية عنهم في قوله: ﴿وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ﴾، ﴿وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إلا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا﴾، ولهذا قال هؤلاء: ﴿مَا أَنْتُمْ إلا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيءٍ إِنْ أَنْتُمْ إلا تَكْذِبُونَ (١٥) قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيكُمْ لَمُرْسَلُونَ﴾، أي: أجابتهم رُسُلهم الثلاثة قائلين: اللَّه يعلم أنا رسله إليكم، ولو كنا كَذبة عليه لانتقم منا أشد الانتقام، ولكنه سيعزنا وينصرنا عليكم، وستعلمون لمن تكون عاقبة الدار، كقوله تعالى: ﴿قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَينِي وَبَينَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾.

﴿وَمَا عَلَينَا إلا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾، يقولون: إنما علينا أن نبلغكم ما أرسلنا به إليكم، فإن أطعتم كانت لكم السعادة في الدنيا والآخرة، وإن لم [١] تجيبوا فستعلمون غِبَّ ذلك.

﴿قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٨) قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ﴾

فعند ذلك قال لهم أهل القرية: ﴿إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ﴾، أي: لم نر على وجوهكم خيرًا في عيشنا.

وقال قتادة: يقولون: إن أصابنا شر فإنما هو من أجلكم.

وقال مجاهد: يقولون: لم يدخل مثلكم إلى قرية إلا عُذب أهلها.

﴿لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ﴾، قال قتادة: بالحجارة. وقال مجاهد: بالشتم.

﴿وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾، أي: عقوبة شديدة فقالت لهم رسلهم: ﴿طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ﴾، أي: مردود عليكم، كقوله تعالى في قوم فرعون: ﴿فَإِذَا [٢] جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا


[١]- في ز: "أنتم".
[٢]- في ز، خ: "وإذا".