للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سليمان بن حُمَيد؛ قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يحدث عن عمر بن عبد العزيز؛ قال: إذا فرغ الله من أهل الجنة والنار، أقبل في ظُلَل من الغمام والملائكة. قال: فيسلم [١] على أهل الجنة، فيردون عليه السلام. قال القرظي: وهذا في كتاب الله: ﴿سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ﴾، فيقول: سلوني فيقولون: ماذا نسألك أي رب؟ قال: بلى سلوني. قالوا: نسألك أي رب؛ رضاك. قال: رضائي أحكم دار كرامتي. قالوا: يا رب، فما الذي نسألك، فوعزتك وجلالك وارتفاع مكانك، لو قسمت علينا رزق الثقلين لأطعمناهم وأسقيناهم [٢] ولألبسناهم ولأخدمناهم، لا ينقصنا ذلك شيئًا. قال: إن لدي مزيدا. قال: فيفعل ذلك بهم في درجهم، حتى يستوي في مجلسه. قال: ثم تأتيهم التحف من الله ﷿ تحملها [٣] إليهم الملائكة. ثم ذكر نحوه.

وهذا أثر غريب، أورده ابن جرير من طرق.

﴿وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (٥٩) أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٠) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (٦٢)

يقول تعالى مخبرًا عما يئول إليه حال الكفار يوم القيامة من أمره لهم أن يمتازوا، بمعنى يتميزون عن المؤمنين في موقفهم. كقوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَينَهُمْ﴾. وقال تعالى: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ﴾، ﴿يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ﴾، أي: يصيرون صدْعَين فرقتين، ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ﴾.

وقوله تعالى: ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾: هذا تقريع من الله للكفرة من بني آدم، الذين أطاعوا الشيطان وهو عدو لهم مبين، وعصوا الرحمن وهو الذي خلقهم ورزقهم؛ ولهذا قال: ﴿وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ﴾، أي: قد أمرتكم في الدار [٤] الدنيا بعصيان الشيطان، وأمرتكم بعبادتي، وهذا هو الصراط المستقيم، فسلكتم غير ذلك واتبعتم الشيطان فيما أمركم به [٥]، ولهذا قال: ﴿وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا﴾، يقال ﴿جِبِلًّا﴾ بكسر الجيم، وتشديد اللام. ويقال: ﴿جُبُلًّا﴾ بضم الجيم والباء،


[١]- في ز، خ: "فسلم".
[٢]- في ت: "لأسقيناهم".
[٣]- في ز، خ: "تحمله".
[٤]- في ت: "دار".
[٥]- سقط من: خ، ز.