للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويحلفون ما فعلوه، فيختم الله على أفواههم، ويستنطق جوارحهم بما عملت.

قال ابن أبي حاتم: حدنا أبو شيبة إبراهيم بن عبد الله بن أبي شيبة، حدثنا منْجَاب بن الحارث التميمي، حدثنا أبو عامر الأسدي، حدثنا سفيان، عن عبيد المكتِب، عن الفُضَيل بن عمرو، عن الشعبي، عن أنس بن مالك؛ قال: كنا عند النبي فضحك حتى بدت نواجذه، ثم قال: "أتدرون مم أضحك؟ ". قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: "من مجادلة العبد ربه يوم القيامة، يقول: يا رب، ألم تجرني من الظلم؟ فيقول: بلى. فيقول: لا أجيز [١] علي إلا شاهدًا من نفسي. فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك حسيبًا، وبالكرام الكاتبين شهودًا. فيختم على فيه، ويُقال [٢] لأركانه: انطقي. فتنطق بعمله، ثم يخلى بينه وبين الكلام، فيقول: بُعدًا لكن وسُحقًا، فعنكُنَّ كنتُ أناضل".

وقد رواه مسلم والنسائي (٣٢)، كلاهما عن أبي بكر بن أبي النضر، عن أبي النضر، عن عبيد الله بن عبد الرحمن الأشجعي، عن سفيان -هو الثوري- به. ثم قال النسائي: "لا أعلم أحدًا روى هذا. الحديث عن سفيان غير الأشجعي، وهو حديث غريب، والله تعالى أعلم.

كذا قال: وقد تقدم من رواية أبي عامر عبد الملك بن عمرو الأسد -وهو العقدي- عن سفيان.

وقال عبد الرزاق (٣٣): أخبرنا معمر، عن بَهْز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، عن النبي ، قال: "إنكم تدعَون مُفَدَّمة (*) أفواهكم بالفدَام، فأول ما يسأل عن أحدكم فخذه وكتفه". رواه النسائي، [٣] عن محمد بن رافع، عن عبد الرزاق به.

وقال سفيان بن عيينة (٣٤)، عن سُهَيل، عن أبيه، عن أبي هريرة ، عن رسول الله في حديث القيامة الطويل، قال فيه: "ثم يلقى الثالث فيقول: ما أنت؟ فيقول: أنا عبدك، آمنت بك وبنبيك وبكتابك، وصمت وصليت وتصدقت- ويثني


(٣٢) - أخرجه مسلم في الزهد والرقائق، حديث (٢٩٦٩)، والنسائي في التفسير (٦٧٣).
(٣٣) - أخرجه النسائي في التفسير، بسنده إلى عبد الرزاق وأخرجه أحمد في مسنده (٥/ ٣) من طريق الجريري عن حكيم به.
(*) الفِدام: ما يُشَدُّ على فم الإبريق والكوز من خِرقَةٍ لتصفية الشراب الذي فيه، أي: يُمنعون الكلام بأفواههم حتى تتكلم جوارحهم، فشبه ذلك بالفدام.
(٣٤) - أخرجه الحميدي (١١٧٨)، ومسلم في الزهد والرقائق، حديث (٢٩٦٨)، وأبو داود -مختصرًا - في السنة، باب: في الرؤية، حديث (٤٧٣٠) بسندهما إلى سفيان به.