للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأصح وأقوى، والله أعلم.

وقوله: ﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ﴾، لما تقدمت البشارة بالذبيح - وهو إسماعيل - عطف بذكر البشارة بأخيه إسحاق، وقد ذكرت في سورتي "هود" و "الحجر". وقوله: ﴿نَبِيًّا﴾ حال مقدرة [١] أي سيصير منه نبي من الصالحين.

وقال ابن جرير (٧٧): حدثني يعقوب، حدَّثنا ابن عُلَيّة، عن داود، عن عكرمة قال: قال ابن عبَّاس : الذبيح إسحاق. قال: وقوله: ﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ﴾، قال: بشر بنبوته، قال: وقوله: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا﴾، قال: كان هارون أكبر من موسى، ولكن أراد: وَهَب له نبوته.

وحدثنا ابن عبد الأعلى (٧٨)، حدَّثنا المعتمر بن سليمان قال [٢]: سمعتُ داود يُحدّث، عن عكرمة، عن ابن عباس في هذه الآية: ﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ﴾، قال: إنما بُشّر به نبيًّا حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوة عند مولده.

وقال ابن أبي حاتم (٧٩): حدَّثنا أبي، حدَّثنا أَبو نُعَيم، حدَّثنا سفيان] [٣] الثوري، عن داود، عن عكرمة، عن ابن عبَّاس: ﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ﴾، قال: بُشّر به حين ولد، وحين نُبّي.

وقال سعيد بن أبي عَرُوبَةَ (٨٠): عن قَتَادة في قوله: ﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ﴾، قال: بعد ما كان من أمره، لما جاد لله بنفسه وقال الله: ﴿وَبَارَكْنَا عَلَيهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ﴾.

وقوله: ﴿وَبَارَكْنَا عَلَيهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ﴾، كقوله تعالى: ﴿قِيلَ يَانُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.


(٧٧) - (٧٨) - تفسير ابن جرير (٨١، ٨٩) وإسناده صحيح وتقدم تخريجه برقم (٦١).
(٧٩) - وعزاه إلى ابن أبي حاتم السيوطي في "الدر المنثور" (٥/ ٥٣٦) ورواه الحاكم (٢/ ٥٥٧) من طريق وكيع عن سفيان به. وقال: "صحيح الإسناد" ووافقه الذهبي وهو كما قالا، وانظر السابق وقد زاد عزو هذا الخبر السيوطي إلى عبد حميد وابن أبي شيبة وابن المنذر".
(٨٠) - تفسير ابن جرير (٢٣/ ٨٩) بإسناد صحيح إلى قَتَادة، ورواه عنه أيضًا عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.