للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حديث يجب اتباعه، ولكن روى ابن أبي حاتم (١٠) هنا حديثًا لا يصح سنده؛ لأنه من رواية يزيد الرقاشي، عن أنس، ويزيد وإن كان من الصالحين لكنه ضعيف الحديث عند الأئمة، فالأولى أن يقتصر علي مجرد تلاوة هذه القصة وأن يُرَد علمها إلى الله ﷿ فإن القرآن حق، وما تضمن فهو حق أيضًا.

وقوله: ﴿فَفَزِعَ مِنْهُمْ﴾، إنما كان ذلك لأنه كان في محرابه، وهو أشرف مكان في داره، وكان قد أمرَ أن لا يدخل عليه أحد ذلك اليوم، فلم يشعر إلا بشخصين قد تَسَوّرا عليه المحراب، أي: احتاطا به يسألانه عن شأنهما.

وقوله: ﴿وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ﴾ أي: غلبني يقال: عزّ يعزُّ: إذا قهر وغلب.

وقوله: ﴿وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ﴾، قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: أي اختبرناه.

وقوله: ﴿وَخَرَّ رَاكِعًا﴾ أي: ساجدًا ﴿وَأَنَابَ﴾ ويحتمل أنه ركع أولًا، ثم سجد بعد ذلك. وقد ذكر أنه استمر ساجدًا أربعين صباحًا، ﴿فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ﴾ أي: ما كان منه مما يقال فيه: "إن حسنات الأبرار سيئات المقربين".

وقد اختلف الأئمة في سجدة "ص"، هل هي من عزائم السجود؟ على قولين؛ الجديد من مذهب الشافعي أنها ليست من عزائم السجود، بل هي سجدة شكر. والدليل علي ذلك ما رواه الإِمام أحمد حيث قال (١١):

حدثنا إسماعيل -وهو ابن عُلَيّة-، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه قال في السجود في "ص": ليست من عزائم السجود، وقد رأيت رسول الله يسجد فيها.

ورواه البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي في تفسيره، من حديث أيوب به. وقال الترمذي: حسن صحيح.

وقال النسائي (١٢) أيضًا عند تفسير هذه الآية: أخبرني إبراهيم بن [١] الحسن، هو المقْسَمي،


(١٠) - أخرجه الطبري في تفسيره (٢٣/ ١٥٠)، من طريق يزيد الرقاشي عن أنس به، وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور (٥/ ٥٦٥) إلى الحكيم الترمذي في نوادر الأصول.
(١١) - المسند (١/ ٣٦٠)، وأخرجه البخاري في كتاب سجود القرآن، باب: سجدة (ص)، حديث (١٠٦٩)، وطرفه في (٣٤٢٢)، وأبو داود في سجود القرآن، باب: السجود في (ص)، حديث (١٤٠٩)، والترمذي في الصلاة، باب: ما جاء في السجدة في (ص)، حديث (٥٧٧)، والنسائي في الكبرى كما في تحفة الأشراف (٥٩٨٨) من طرق عن أيوب السختياني به.
(١٢) - تفسير النسائي رقم (٤٥٨)، وهو في السنن الصغرى له أيضًا في كتاب الافتتاح، باب:=