للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولغيرهم، ممن اجتنب عبادة الأوثان، وأناب إلى عبادة الرحمن. فهؤلاء هم [١] الذين لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة.

ثم قال: ﴿فَبَشِّرْ عِبَادِ (١٧) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ﴾ أي: يفهمونه ويعملون بما فيه، كقوله تعالى لموسى حين آتاه التوراة: ﴿فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا﴾.

﴿الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ﴾ أي: المتصفون بهذه الصفة هم الذين هداهم الله في الدنيا والآخرة، ﴿وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ أي: ذوو العقول الصحيحة، والفطَر المستقيمة.

﴿أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (١٩) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ (٢٠)

قول تعالى: أفمن كتب الله أنَّه شَقِيٌّ تَقْدرُ [تَقْدرُ تُنْقذُه مما] [٢] هو فيه من الضلال والهلاك؟ أي: لا يهديه أحد من بعد الله؛ لأنه من يضلل الله فلا هادي له، ومن يهده فلا مضل له.

ثم أخبر عن عباده السعداء أنهم لهم غرف في الجنَّة، وهي [٣] القصور الشاهقة، ﴿مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي﴾ أي: طباق فوق طباق، مَبنيات محكمات مزخرفات عاليات.

قال عبد الله ابن الإِمام أحمد (٧): حدَّثنا عباد بن يعقوب الأسدي، حدَّثنا محمد [٤] بن فضيل، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن النعمان بن سعد، عن علي قال: قال رسول الله : "إن في الجنَّة لغرفًا يُرَى بطونها من ظهورها، وظهورها من بطونها". فقال أعرابي: لمن هي يا رسول الله؟ قال: "لمن أطاب الكلام، وأطعم الطَّعام، وصلى [لله بالليل] [٥] والناس نيام". ورواه التِّرمِذي من حديث عبد الرحمن بن إسحاق، وقال: حسن غريب، وقد تكلم بعض أهل العلم فيه من قِبَل حفظه.


(٧) - المسند (١/ ٩٥٥)، وأخرجه التِّرمِذي في البر والصلة، باب: ما جاء في قول المعروف، حديث (١٩٨٤)، وفي صفة الجنَّة، باب: ما جاء في صفة غرف الجنَّة حديث (٢٥٢٧)، وابن خزيمة (٢١٣٦) من طريق عبد الرحمن بن إسحاق به. وقال ابن خزيمة: في القلب من عبد الرحمن بن إسحاق أبي شيبة الكوفي.