الخزاعي منصور بن سلمة، حدثنا القُمّي -يعني يعقوب بن عبد الله- عن جعفر بن المغيرة، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عمر قال: نزلت هذه الآية، وما نعلم في أيّ شيء نزلت: ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ﴾ قلنا: من نخاصم؟ ليس بيننا وبين أهل الكتاب خصومة، فمن نخاصم؟ حتى وقعت الفتنة، فقال ابن عمر: هذا الذي وَعَدنا ربُّنا ﷿ نختصم فيه.
ورواه النسائي (١٨) عن محمد بن عامر عن منصور بن سلمة، به.
وقال أبو العالية: ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ﴾ قال: يعني أهل القبلة.
وقال ابن زيد: يعني أهل الإسلام وأهل الكفر. وقد قدمنا أن الصحيح العموم، والله أعلم.
يقول تعالى مخاطبًا للمشركين الذين افتروا على الله، وجعلوا معه آلهة أخرى، وادّعوا أن الملائكة بناتُ الله، وجعلوا لله ولدًا -تعالى الله عن قولهم علوًّا كبيرًا- ومع هذا كذبوا بالحق إذ جاءهم على ألسنة رسل الله - صلوات الله عليهم أجمعين - ولهذا قال: ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ﴾ أي: لا أحد أظلم من هذا؛ لأنه جمع بين طَرَفي الباطل، كَذَب على الله، وكَذّب رسول الله، قالوا الباطل وردوا الحق، ولهذا قال متوعدًا لهم: ﴿أَلَيسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ﴾، وهم الجاحدون المكذبون.
ثم قال: ﴿وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ﴾ قال مجاهد، وقتادة، والربيع بن أنس، وابن زيد: الذي جاء بالصدق هو الرسول.
(١٨) - سنن النسائي الكبرى (٦/ ٤٤٥) (١١٤٤٧)، وهو في تفسيره برقم (٤٦٧)، وأخرجه أيضًا الطبراني كما في مجمع الزوائد (٧/ ١٠٣) وقال الهيثمي: رجاله ثقات. وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور (٥/ ٣٢٧) إلى عبد بن حميد ونعيم بن حماد، وابن مردويه والحاكم.