صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (٤٨) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (٤٩) إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ﴾ أي: يقال لهم ذلك علي وجه التقريع والتوبيخ، والتحقير والتصغير، والتهكم والاستهزاء بهم.
قال ابن أبي حاتم (٦١): حدثنا علي بن الحسين، حدثنا أحمد بن منيع، حدثنا منصور بن عمار، حدثنا بَشير بن طلحة الخزامي [١]، عن خالد بن دريك، عن يعلى بن مُنْيَةَ -رفع الحديث إلى رسول الله ﷺ قال:"ينشئ الله سحابة لأهل النار سوداء مظلمة، ويقال: يا أهل النار، أي شيء تطلبون؟ فيذكرون بها سحاب الدنيا فيقولون: نسأل بَرْدَ الشراب. فتمطرهم أغلالًا تزيد في أغلالهم، وسلاسل تزيد في سلاسلهم، وجمرًا يلهب النار عليهم". هذا حديث غريب.
وقوله: ﴿ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَينَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (٧٣) مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ أي: قيل لهم: أين الأصنام التي كنتم تعبدونها من دون الله؟ هل ينصرونكم اليوم؟ ﴿قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا﴾ أي: ذهبوا فلم ينفعونا، ﴿بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيئًا﴾ أي: جحدوا عبادتهم، كقوله تعالى: ﴿ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إلا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ ولهذا قال: ﴿كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ﴾ وقوله [٢]: ﴿ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ﴾ أي: تقول لهم الملائكة: هذا الذي أنتم فيه جزاءٌ على فَرَحكم في الدنيا بغير الحق، ومَرَحكم وأشركم وبطركم، ﴿ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ﴾ أي: فبئس المنزلُ والمَقِيلُ الذي فيه الهوانُ والعذاب الشديد، لمن استكبر عن آيات الله، واتباع دلائله وحُجَجه!
(٦١) - وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٥/ ٦٦٩) أيضًا إلى ابن أبي حاتم. وقد رواه الطبراني في "الأوسط" (٤/ ٤١٠٣) ثنا علي بن سعيد الرازي نا أحمد بن منيع به. ورواه تمام في "فوائده" (٥/ ١٧٦٩ / الروض) من طريق محمد بن جعفر العباد نا منصور به. وقال الطبراني: "لا يُروى هذا الحديث عن يعلى إلا بهذا الإسناد، تفرد به منصور" وهو ضعيف، فقد قال أبو حاتم: ليس بالقوي. وقال العقيلي: "فيه تجهم"، وقال الدارقطني: "يروى عن ضعفاء أحاديث لا يتابع عليها" راجع "اللسان" لابن حجر (٦/ ٨٦٤٤) واستنكر له ابن عدي في "الكامل" (٦/ ٢٣٩٠) هذا الحديث بعينه. وقال الهيثمي في "المجمع" (١٠/ ٣٩٢): "وفيه من فيه ضعف قليل، ومن لم أعرفه"!! ورجاله معروفون بعضهم من رجال التهذيب، وبعضهم في "الميزان" للذهبي و"لسانه" لابن حجر، وقد رواه ابن أبي الدنيا في "صفة النار" (رقم / ٦٢) ثنا أحمد بن منيع ثنا منصور بن عمار به موقوفًا، قال المنذري في "الترغيب" (٤/ ٤٧٣): "وهذا أصح" بل مثل سابقه أيضًا فالخطأ فيه من منصور وهو ضعيف، ثم إن الحديث منقطع بين خالد ويعلى فإنه لم يسمع منه كما قال السخاوي في "المقاصد" (ص ١٦٠) ولذلك استغربه المصنف هنا.