للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لقاءه". قلنا: يا رسول الله، كلنا نكره الموت؟ قال: "ليس ذلك كراهية الموت [١]، ولكن المؤمن إذا حُضِر جاءه البشير من الله بما هو صائر إليه، فليس شيء أحبّ إليه من أن يكون قد لقي الله فأحب الله لقاءه". قال: "وإن الفاجر -أو الكافر- إذا حُضِر جاءه بما هو صائر إليه من الشر -أو: ما يلقى من الشر- فكره لقاء الله، فكره الله لقاءه".

وهذا حديث صحيح وقد ورد في الصحيح من غير هذا الوجه (٣٤).


= وهذا الحديث اختلف فيه على الأوزاعي. فقد رواه عبد الحميد بن حبيب -كما ذكر المصنف- عن الأوزاعي عن حسان بن عطية به، وعبد الحميد بن حبيب لينه غير واحدٍ، وقد خالفه الوليد بن مسلم عند ابن عساكر في تاريخه (٤٠/ ٥)، والهقل بن زياد عند ابن أبي الدنيا في صفة الجنة، باب: سوق الجنة حديث رقم (٢٥٦) كلاهما عن الأوزاعي قال نبئت أن سعيد بن المسيب لقى أبا هريرة … الحديث. وهذا أصح. فالهقل بن زياد، والوليد بن مسلم من أثبت أصحاب الأوزاعي. ولم يذكرا الواسطة بين الأوزاعي وبين سعيد والحديث رواه سويد بن عبد العزيز عن الأوزاعي على ثلاثة أوجه:
الأول: عن الأوزاعي عن حسان بن عطية عن سعيد أنه لقى أبا هريرة الحديث. فوافق بها رواية عبد الحميد بن حبيب عن الأوزاعي. أخرجه ابن أبي عاصم (٥٨٦)، والآجري في الشريعة ص ٢٦٠، والعقيلي في الضعفاء (٣/ ٤٢)، وتمام في فوائده (١٧٨٨ - الروض).
الثاني: عن الأوزاعي قال: نبئت أن سعيد … الحديث، فوافق بها رواية الوليد بن مسلم، والهقل بن زياد عن الأوزاعي، أخرجه ابن عساكر (٤٠/ ٤).
الثالث: عن الأوزاعي عن عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب به فجعل الواسطة بين الأوزاعي وبين سعيد عبد الرحمن بن حرملة.
والحديث رواه أيضًا عبد القدوس بن حجاج عن الأوزاعي فقال: عن الزهري عن سعيد بن المسيب فذكره. فجعل الواسطة بين الأوزاعي وسعيد الزهري. أخرجه تمام في فوائده (١٧٩٠ - الروض)، وابن عساكر في تاريخه (٤٠/ ٧).
وحكى الدارقطني في العلل (٧/ ٢٧٦) أن عبد القدوس بن حجاج رواه عن الأوزاعي قال: نبئت عن أبي هريرة. ولم يذكر حتى سعيد بن المسيب ثم رجحها قائلًا: وهذا أشبهها بالصواب ا هـ. ورواه محمد بن مصعب القرقساني عن الأوزاعي فقال: عن الزهري قال: قال لي سعيد. فجعل الزهري الواسطة بين الأوزاعي وبين سعيد، أخرجه ابن عساكر في تاريخه (٤٠/ ٧ - ٨)، قال الدارقطني في العلل: وهم في قوله عن الزهري ا هـ.
فالحاصل: أن هذا الحديث ضعيف لإبهام الواسطة بين الأوزاعي وبين سعيد بن المسيب وكل الطرق التي ذكر فيها اسم الواسطة معلولة للمخالفة والله أعلم. وانظر الضعيفة (١٧٢٢)، والعلل للدارقطني (٧/ ٢٧٥).
(٣٤) - حديث صحيح. المسند (٣/ ٢٣٧)، وأخرجه أبو يعلى (٣٨٧٧)، والبزار (٧٨٠ - كشف) وعزاه المزى في التحفة (٧١٢) إلى النسائي في الكبرى مستدركه على الحافظ بن عساكر، وتبعه ابن حجر في الفتح (١١/ ٣٠٨) وهذا الحديث يرويه أنس عن عبادة بن الصامت، أخرجه أحمد ٥/ ٣٣١، والبخاري في الرقاق ح (٦٥٠٧)، ومسلم في الذكر والدعاء حديث (٢٦٨٣).