للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جبار عنيد منهم، ثم [١] يخسف الله بها وبهم جميعًا، فذلك قوله: ﴿حم (١) عسق﴾، يعني: عزيمة من الله تعالى وفتنة وقضاء حُمّ: ﴿حم﴾، "عين" يعني: عدلًا منه، "سين": يعني سيكون، "ق": يعني واقع لهاتين المدينتين.

وأغرب منه ما رواه الحافظ أبو يعلى الموصلي (٢) في الجزء الثاني من مسند ابن عباس، وعن أبي ذر، عن النبي في ذلك، ولكن إسناده ضعيف جدًّا ومنقطع، فإنه قال:

حدثنا أبو طالب عبد الجبار بن عاصم، حدثنا أبو عبد الملك الحسن بن يحيى الخشني الدمشقي، عن أبي [٢] معاوية قال: صعد عمر بن الخطاب المنبر فقال: أيها الناس، هل سمع منكم [٣] أحد رسول الله يفسر: ﴿حم (١) عسق﴾؟ فوثب ابن عباس فقال: أنا. قال: ﴿حم﴾ اسم من أسماء الله [تعالى. قال: فعين؟ قال: عاين المولون عذاب يوم بدر. قال: فسين؟ قال: سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. قال: فقاف؟ فسكت، فقام أبو ذر ففسر كما قال ابن عباس وقال: قاف: قارعة من السماء تغشى الناس] [٤].

وقوله: ﴿كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ أي: كما أنزل إليك هذا القرآن، كذلك أنزل الكتب والصحف على الأنبياء قبلك. وقوله: ﴿اللَّهُ الْعَزِيزُ﴾ أي في انتقامه، ﴿الْحَكِيمُ﴾ في أقواله وأفعاله.

قال الإمام مالك (٣) : عن هشام بن عروة، عن أنس، عن عائشة: أن الحارث بن هشام سأل رسول الله [فقال: يا رسول الله] [٥]، كيف يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله : "أحيانًا يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشده عليَّ فيفصِمُ عني، وقد وعيت ما قال: وأحيانا يأتيني الملك رجلًا فيكلمني، فأعي ما يقول". قالت عائشة: فلقد رأيتُه ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد، فَيفصِم عنه،


(٢) - عزاه في الدر المنثور إلى ابن عساكر، وأبي يعلى، وقال: إسناده ضعيفٌ. وهو -كما قال المصنف- ضعيف جدًّا. الحسن بن يحيى ضعفه غير واحدٍ. وقال الدارقطني: متروك، وقال ابن حبان: استحق الترك. والحديث عزاه في المطالب (٤٠٩٢) إلى أبي يعلى.
(٣) - أخرجه مالك في الموطأ "جامع القراءة" حديث (٢٧٠)، والبخاري في بدء الوحي من صحيحه حديث (٢)، ومسلم في الفضائل، باب: طيب عرق النبي حديث (٢٢٣٣) من طريق هشام بن عروة به.