للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَيهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (١٣) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ (١٤)﴾.

يقول تعالى: ولئن سألت - يا محمد - هؤلاء المشركين بالله العابدين معه غيره: ﴿مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ﴾ أي: ليعترفن [١] بأن الخالق لذلك [٢] هو الله وحده لا شريك له، وهم مع هذا يعبدون معه غيره من الأصنام والأنداد.

ثم قال: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا﴾، أي: فراشًا قرارًا ثابتة، يسيرون عليها ويقومون وينامون ويتصرفون [٣]، مع أنها مخلوقة على تيار الماء، لكنه أرساها بالجبال لئلا تميد هكذا ولا هكذا، ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا﴾ أي: طرقًا بين الجبال والأودية ﴿لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ أي: في سيركم من بلد إلى بلد، وقطر إلى قطر، وإقليم إلى إقليم.

﴿وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ﴾ أي: بحسب [٤] الكفاية؛ لزروعكم وثماركم وشربكم لأنفسكم ولأنعامكم.

وقوله: ﴿فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيتًا﴾ أي: أرضًا ميتة، فلما جاءها الماء اهتزت وربت، وأنبتت من كل زوج بهيج.

ثم نبه بإحياء الأرض على إحياء الأجساد يوم المعاد [٥] بعد موتها، فقال: ﴿كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ﴾ ثم قال: ﴿وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا﴾ أي [٦]: مما تنبت الأرض من سائر الأصناف، من نبات وزروع وثمار وأزاهير، وغير ذلك من الحيوانات على اختلاف أجناسها وأصنافها، ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ﴾ أي: السفن ﴿وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ﴾ أي: ذلَّلها لكم وسخرها ويَسَّرها لأكلكم لحومها، وشربكم ألبانها، وركوبكم ظهورها، ولهذا قال: ﴿لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ﴾ أي: لتستووا متمكنين واقفين [٧] ﴿عَلَى ظُهُورِهِ﴾ أي: على [٨] ظهور هذا الجنس، ﴿ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ﴾ أي: فيما سخر لكم ﴿إِذَا اسْتَوَيتُمْ عَلَيهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ﴾ أي: مقاومين. ولولا تسخير الله لنا هذا ما قدرنا عليه.

قال ابن عباس وقتادة والسدي وابن زيد: ﴿مُقْرِنِينَ﴾ أي: مطيقين [٩]. ﴿وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا


[١]- في ز، خ: "ليعرفن".
[٢]- في ز: "كذلك".
[٣]- في ت: "وينصرفون".
[٤]- في ت: "في حسب".
[٥]- في ت: "الميعاد".
[٦]- سقط من: ز، خ.
[٧]- في ت: "مرتفقين".
[٨]- سقط من: ز، خ.
[٩]- في ز، خ: "مطيعين".