للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مهما [١] اخترتم وأردتم. ولما ذكر الطعام والشراب، ذكر بعده الفاكهة لتتم النعمة والغبطة.

﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (٧٤) لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (٧٥) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ (٧٦) وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَينَا رَبُّكَ قَال إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (٧٧) لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (٧٨) أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ (٧٩)

لما ذكر حال السعداء، ثنَّى بذكر الأشقياء، فقال: ﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (٧٤) لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ﴾ أي: ساعة واحدة ﴿وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ﴾ أي: آيسون من كل خير، ﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ﴾ أي: بأعمالهم السيئة بعد قيام الحجج عليهم وإرسال الرسل إليهم، فكذبوا وعصوا، فجوزوا بذلك جزاء وفاقًا، وما ربك بظلام للعبيد. ﴿وَنَادَوْا يَامَالِكُ﴾ وهو: خازن النار.

قال البخاري: حدثنا حجاج بن منهال، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عَمرو بن عطاء، عن صفوان بن يعلى، عن أبيه، قال: سمعت رسول الله يقرأ على المنبر: ﴿وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَينَا رَبُّكَ﴾ (٣٧). أي: ليَقْبض [٢] أرواحنا فيريحنا مما نحن فيه، فينهم كما قال تعالى: ﴿لَا يُقْضَى عَلَيهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا﴾ وقال: ﴿وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (١١) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (١٢) ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾ فلما سألموا أن يموتوا أجابهم مالك: ﴿قَال إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ﴾، قال ابن عباس: مكث ألف سنة، ثم قال: إنكم ماكثون. رواه ابن أبي حاتم.

أي: لا خروج لكم منها ولا محيد لكم عنها.

ثم ذكر سبب شقوتهم وهو مخالفتهم الحق [٣] ومعاندتهم له، فقال: ﴿لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ﴾ أي: بيناه لكم ووضحناه وفسرناه، ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ﴾ أي: ولكن كانت سجاياكم لا تَقبله ولا تُقبل عليه، وإنما تنقاد للباطل وتعظمه، وتَصُدّ عن الحق وتأباه، وتُبغضُ أهله. فعودوا على أنفسكم بالملامة، واندموا حيث لا تنفعكم الندامة.


(٣٧) - صحيح البخاري (٤٨١٩).