للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من زعم أن "إن" نافية؛ ولهذا قال: ﴿سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ أي: تعالى وتقدس وتنزه خالق الأشياء عن أن يكون له ولد، فإنه فرد أحد صمد، لا نظير له ولا كفء له، فلا ولد له.

وقوله: ﴿فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا﴾ أي: في جهلهم وضلالهم ﴿وَيَلْعَبُوا﴾ في دنياهم ﴿حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ﴾، وهو يوم القيامة، أي: فسوف يعلمون كيف يكون مصيرهم، ومآلهم، وحالهم في ذلك اليوم.

وقوله: ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ﴾ أي: هو إله من في السماء، وإله من في الأرض، يعبده أهلهما، وكلهم خاضعون له [١]، أذلاء بين يديه، ﴿وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ﴾.

وهذه الآية كقوله تعالى: ﴿وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَ [فِي] [٢] الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ﴾، أي: هو المدعو الله في السماوات والارض.

﴿وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَينَهُمَا﴾ أي: هو خالقهما ومالكهما والمتصرف فيهما، بلا مدافعة ولا ممانعة، فسبحانه وتعالى عن الولد، ﴿وَتَبَارَكَ﴾: أي استقر له السلامة من العيوب والنقائص، لأنه الرب العلي العظيم، المالك للأشياء، الذي بيده أزمة الأمور نقضًا وإبرامًا، ﴿وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾ أي: لا يجليها لوقتها إلا هو، ﴿وَإِلَيهِ تُرْجَعُونَ﴾ أي: فيجازي كلا بعمله إن خيرًا فخير وإن شرًّا فشر.

ثم قال تعالى: ﴿وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ﴾ أي: من الأصنام والأوثان ﴿الشَّفَاعَةَ﴾ أي: لا يقدرون على الشفاعة لهم، ﴿إلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾، هذا استثناء منقطع، أي: لكن من شهد بالحق على بصيرة وعلم، فإنه تنفع شفاعته عنده بإذنه له.

ثم قال: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ أي: ولئن ساكت هؤلاء المشركين بالله العابدين معه غيره ﴿مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ أي: هم يعترفون أنه الخالق للأشياء جميعها، وحده لا شريك له في ذلك، ومع هذا يعبدون معه غيره ممن لا يملك شيئًا ولا يقدر على شيء، فهم في ذلك في غاية الجهل والسفاهة وسخافة العقل؛ ولهذا قال: ﴿فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾.

وقوله: ﴿وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ أي: وقال محمد قيله، أي: شكا إلى ربه شكواه من قومه الذين كذبوه، فقال: يارب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون، كما أخبر تعالى في الآية الأخرى: ﴿وَقَال الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا﴾ وهذا الذي


[١]- سقط من: ز، خ.
[٢]- سقط من: ز، خ.