للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٧) يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٨) وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (٩) مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيئًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١٠) هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (١١)

يقول تعالى: هذه آيات الله -يعني القرآن بما فيه من الحجج والبينات- ﴿نَتْلُوهَا عَلَيكَ بِالْحَقِّ﴾، أي: متضمنة الحق من الحق، فإذا كانوا لا يؤمنون بها ولا ينقادون لها، فبأي حديث بعبد الله وآياته يؤمنون؟! ثم قال: ﴿وَيلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ﴾، أي: أفاك في قوله كذاب، حلاف مهين أثيم في فعله وَقيلهِ كافر بآيات الله، ولهذا قال: ﴿يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيهِ﴾، أي: تقرأ عليه ﴿ثُمَّ يُصِرُّ﴾، أي: على كفره وجُحُوده استكبارًا وعنادًا ﴿كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا﴾، أي: كأنه ما سمعها، ﴿فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ أي [١] فأخبره أن له عند الله يوم القيامة عذابًا أليمًا موجعًا.

﴿وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا﴾. أي: إذا حفظ شيئًا من القرآن كفر به واتخذه سخريًّا وهُزُوًا، ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾، أي: في مقابلة ما استهان بالقرآن واستهزأ به؛ ولهذا روى مسلم في صحيحه عن ابن عمر (١) قال: نهى [٢] رسول الله أن يُسَافرَ بالقرآن إلى أرض العدو مخافةَ أن يناله العدو.

ثم فسر العذاب الحاصل له يوم معاده فقال: ﴿مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ﴾، أي: كل من اتصف بذلك سيصيرون إلى جهنم يوم القيامة، ﴿وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيئًا﴾، أي: لا تنفعهم أموالهم ولا أولادهم، ﴿وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ﴾، أي: ولا تغنى عنهم الآلهة التي عبدوها من دون الله شيئًا، ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾.

ثم قال تعالى: ﴿هَذَا هُدًى﴾، يعني القرآن، ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ﴾. وهو المؤلم [٣] الموجع.


(١) - صحيح مسلم حديث (١٨٦٩).