للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول تعالى لنبيه محمد -صلوات الله وسلامه عليه- ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا﴾ أي: علي الخلق، ﴿وَمُبَشِّرًا﴾ أي: للمؤمنين، ﴿وَنَذِيرًا﴾ أي: للكافرنى. وقد تقدم تفسيرها في "سورة الأحزاب".

﴿لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ﴾ قال ابن عباس وغير واحد: يعظموه. ﴿وَتُوَقِّرُوهُ﴾، من التوقير وهو الاحترام والإِجلال والإِعظام ﴿وَتُسَبِّحُوهُ﴾ أي: يسبحون الله ﴿بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ أي: أول النهار وآخره.

ثم قال تعالى لرسوله، ، تشريفًا له وتعظيمًا وتكريمًا: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ﴾، كقوله: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾.

﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيدِيهِمْ﴾ أي: هو حاضر معهم يسمع أقوالهم ويري مكانهم، ويعلم ضمائرهم وظواهرهم، فهو تعالى هو المبايع [١] بواسطة رسوله ، كقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾.

وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا الفضل بن يحيى الأنباري، حدثنا علي بن بكار، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله : "من سل سيفه في سبيل الله، فقد بايع الله".

وحدثنا أبي (١٣)، حدثنا يحيى بن المغيرة، أخبرنا جرير، عن عبد الله بن عثمان بن خُثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس؛ قال: قال رسول الله في الحَجَر: "والله ليبعثنه [٢] الله يوم القيامة له عينان ينظر بهما، ولسان ينطق به، ويشهد علي من استلمه بالحق، فمن استلمه فقد بايع الله"، ثم قرأ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيدِيهِمْ﴾.

ولهذا قال هاهنا: ﴿فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ﴾ أي: إنما يعود وَبَالُ ذلك


(١٣) - أخرجه الترمذي في الحج، باب: ما جاء في الحجر الأسود، حديث (٩٦١) من طريق جرير، عن ابن خثيم به.
وأخرجه أحمد (١/ ٢٤٧، ٢٦٦، ٢٩١، ٣٠٧، ٣٧١،)، والدارمي (١٨٤٦)، وابن ماجة (٢٩٤٤)، وابن خزيمة (٢٧٣٥، ٢٧٣٥) من طرق عن ابن خثيم به.