للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محله، رجع ولم يصل إلى رسول الله إعظامًا لما رأي، فقال: يا معشر قريش، قد رأيت ما لا يحل صَده، الهدي في قلائده قد أكل أوتاره [١] من طول الحبس عن محله. قالوا: اجلس، إنما أنت أعرابي لا علم لك. فبعثوا إليه عروة بن مسعود الثقفي، فقال: يا معشر قريش، إني قد رأيت ما يلقي منكم من تبعثون إلي محمد إذا جاءكم، من التعنيف وسوء اللفظ، وقد عرفتم أنكم والد وأني ولد، وقد سمعت بالذي نابكم، فجمعت من أطاعني [٢] من قومي، [ثم جئت] [٣] حتى آسيتكم [٤] بنفسي. قالوا: صدقت، ما أنت عندنا بمتهم. فخرج حتى أتي رسول الله فجلس بين يديه، فقال: يا محمد، جمعت أوباش الناس، ثم جئت بهم لبيضتك لتفضّها، إنها قريش قد خرجت معها العُود المطافيل، قد لبسوا جلُود النمور، يعاهدون الله أن لا تدخلها عليهم عنوة أبدًا. وايم الله لكأني بهؤلاء قد انكشفوا عنك غدًا. قال: وأبو بكر قاعد خلف رسول الله ، فقال: امصص بَظر اللات! أنحن ننكشف عنه؟! قال: من هذا يا محمد؟ قال: "هذا ابن أبي قُحافة". قال: أما والله لولا يد كانت لك عندي لكافأتك بها، ولكن هذه بها. ثم تناول لحية رسول الله والمغيرة بن شعبة واقف علي رأس رسول الله [في الحديد] [٥]، قال: فقَرع يده. ثم قال: أمسك يدك عن لحية رسول الله [قبل -والله- لا تصل إليك [٦]. قال: ويحك! ما أفظك [٧] وأغلظك! فتبسم رسول الله، ،] [٨] قال: من هذا يا محمد؟ قال : "هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة" قال: أغُدَرُ، وهل غسلت [٩] سوأتك إلا بالأمس؟! قال: فكلمه رسول الله بمثل ما كلم به أصحابه، وأخبره أنه لم يأت يريد حربًا. قال [١٠]: فقام من عند رسول الله وقد رأي ما يصنع به أصحابه، لا يتوضأ وضوءًا إلا ابتدروه، ولا يبصق بصاقًا إلا ابتدروه، ولا يسقط من شعره شيء إلا أخذوه. فرجع إلي قريش فقال: يا معشر قريش، إني جئتُ كسري في ملكه، وجئت قيصر والنجاشي في ملكهما، والله ما رأيت مَلكًا قط مثل محمد في أصحابه، ولقد رأيت قوما لا يسلمونه لشيء أبدًا، فَرَوا رأيكم. قال: وقد كان رسول الله قبل ذلك قد بعث خراش بن أمية الخزاعي إلي مكة، وحمله علي جمل له يقال له:


[١]- في ز، خ: أوباره.
[٢]- في ز: طاعني.
[٣]- في ز: فجئت.
[٤]- في ز: آسيكم.
[٥]- في ز: بالحديد.
[٦]- في ز: إليه.
[٧]- في ت: أفظعك.
[٨]- ما بين المعكوفين سقط من خ.
[٩]- في خ: علمت.
[١٠]- في ز: فقال: