للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﷿ إما من أولها وإما من أوسطها.

وقال مجاهد: قَل ما يرقدون ليلة حتى الصباح لا يتهجدون. وكذا قال قتادة.

وقال أنس بن مالك، وأبو العالية: كانوا يصلون بين المغرب والعشاء.

وقال أبو جعفر الباقر: كانوا لا ينامون حتى يصلوا العتمة.

و [١] القول الثاني: أن "ما" مصدرية، تقديره: كانوا قليلًا من الليل هجوعهم ونومهم.

واختاره ابن جرير.

وقال الحسن البصري: ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾، كابدوا قيام الليل، فلا ينامون من الليل إلا أقله، ونشطوا فمدّوا [٢] إلى السحر، حتى كان الاستغفار بسحر.

وقال قتادة: قال الأحنف بن قيس: ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾، كانوا لا ينامون إلا قليلًا. ثم يقول: لست من أهل هذه الآية!

وقال الحسن البصري: كان الأحنف بن قيس يقول [٣]: عرضت عملي على عمل أهل الجنة، [فإذا قوم] [٤] قد باينونا بَونًا بعيدًا، إذا قوم لا نبلغ أعمالهم، كانوا قليلًا من الليل ما يهجعون. وعرضت عملي على عمل أهل النار فإذا قوم لا خير فيهم، يكذبون [٥] بكتاب الله وبرسل الله، يكذبون بالبعث بعد الموت، فوجَدتُ من خيرنا منزلة قومًا خلطوا عملًا صالحًا وآخر سيئًا.

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: قال رجل من بني تميم. لأبي: يا أبا أسامة؛ صفة لا أجدها فينا، ذكَرَ الله قوما فقال: ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾ [ونحن والله قليلًا من الليل] [٦] ما نقوم. فقال له أبي: طوبى لمن رقد إذا نَعَس، واتقى الله إذا استيقظ.

وقال عبد الله بن سلام: لما قدم رسول الله المدينة انجفل الناس إليه، فكنت فيمن انجفل. فلما رأيت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه رَجُل كذاب، فكان أول ما سمعته يقول: "يا أيها الناس؛ أطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وأفشوا السلام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام" (٦).


(٦) - أخرجه أحمد (٥/ ٤٥١) (٢٣٨٩٧)، والترمذي في كتاب: صفة الكتاب، باب: "أفشوا =