للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو الكفر بالله، وجعل الأوثان والأنداد أربابًا من دون الله.

قال ابن عباس: ﴿الْحِنْثِ الْعَظِيمِ﴾: الشرك. وكذا قال مجاهد، وعكرمة، والضحاك، وقتادة، والسدي، وغيرهم. وقال الشعبي: هو اليمين الغموس.

﴿وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٤٧) أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ [١]﴾ يعني أنهم يقولون [مثل] [٢] ذلك مكذبين به مستبعدين لوقوعه، قال الله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ﴾. أي: أخبرهم يا محمد أن الأولين والآخرين من بني آدم سيجمعون إلى عَرَصات القيامة، لا نغادر منهم أحدًا. كما قال: ﴿ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (١٠٣) وَمَا نُؤَخِّرُهُ إلا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (١٠٤) يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إلا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ﴾ ولهذا قال هاهنا: ﴿لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ﴾، أي: هو موقت بوقت مُحَدّد، لا يتقدم ولا يتأخر، ولا يزيد ولا ينقص.

﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (٥١) لآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (٥٢) فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ﴾، وذلك أنهم يقبضون ويُسجَرون حتى يأكلوا من شجر الزقوم [٣]، حتى يملَئوا منها بطونهم، ﴿فَشَارِبُونَ عَلَيهِ مِنَ الْحَمِيمِ (٥٤) فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ﴾. وهي الإِبل العطاش، واحدها أهيم والأنثى هيماء، ويقال: هائم وهائمة.

قال ابن عباس ومجاهد، وسعيد بن جبير وعكرمة: الهيم: الإبل العطاش الظماء.

وعن عكرمة أنه قال: الهيم: الإبل المراض، تمص الماء مصًّا ولا تَرْوَى.

وقال السدى: الهيم: داء يأخذ الإِبل فلا تَرْوى أبدًا حتى تموت، فكذلك أهل جهنم لا يَرْوَون من الحميم أبدًا.

وعن خالد بن معدان: أنه كان يكره أن يشرب شرب الهيم عبة [٤] واحدة من غير أن يتنفس ثلاثًا.

ثم قال تعالى: ﴿هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ﴾، أي: هذا الذي وصفنا هو ضيافتهم عند ربهم يوم حسابهم، كما قال في حق المؤمنين: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا﴾ أي: ضيافة وكرامة.


[١]- في ز: الأولين.
[٢]- سقط من خ.
[٣]- في ز: من زقوم.
[٤]- في ز: غبة.