للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالت: فقال رسول الله : "فإنا سنعينه بعَرَقٍ من تمر". قالت: فقلت: يا رسول الله، وأنا سأعينه بعَرَقٍ آخر. قال: "فقد أصبت وأحسَنْت، فاذهبي فتصدقي به عنه، ثم استوصي بابن عمك خيرًا". قالت: ففعلت.

ورواه أبو داود في كتاب الطلاق من سننه من طريقين، عن محمد بن إسحاق بن [١] يسار، به (٤). وعنده: خولة بنت ثعلبة، ويقال فيها: خولة بنت مالك بن ثعلبة. وقد تصغر فيقال: خُوَيلة. ولا منافاة بين هذه الأقوال، فالأمر فيها قريب، والله أعلم.

هذا هو الصحيح في سبب نزول صدر هذه السورة، فأما حديث سلَمَة بن صَخْر فليس فيه أنه كان سببَ النزول، ولكن أمر بما أنزل الله في هذه السورة، من العتق أو الصيام أو الإِطعام، كما قال الإِمام أحمد:

حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن سليمان بن يَسَار، عن سلمة بن صخر الأنصاري قال: كنتُ امرءًا قد أوتيت من جماع النساء ما لم يؤت غيري، فلما دخل رمضان تظهَّرت من امرأتي حتى ينسلخ رمضان، فَرَقًا من أن أصيب في ليلتي شيئًا فأتابع في ذلك إلى أن يدركني النهار، وأنا لا أقدر أن أنزع، فبينما [٢] هي تخدمني [٣] من الليل إذ تَكشف لي منها شيء، فوثبت عليها، فلما أصبحتُ غدوتُ على قومي فأخبرتهم خبري وقلت: انطلقوا معي إلى النبي فأخبره بأمري. فقالوا: لا، والله لا نفعل، نتخوف أن ينزل فينا -أو: يقول فينا رسول الله مقالة يبقى علينا عارها، ولكن اذهب أنت فاصنع ما بدا لك. قال: فخرجت حتى أتيتُ النبي فأخبرته خبري. فقال لي: "أنت بذاك؟ ". فقلت: أنا بذاك. فقال: "أنت بذاك؟ ". فقلت: أنا بذاك". قال: "أنت بذاك؟ ". قلت: نعم، هأنذا فامض فيّ حكم الله تعالى فإني صابر له. قال: "أنت رقبة" قال: فضربت صفحة رقبتي بيدي وقلت: لا، والذي بعثك بالحق ما أصبحت أملك غيرها. قال: "فصم شهرين". قلت: يا رسول الله، وهل أصابني ما أصابني إلا في الصيام؟! قال: "فتصدق". فقلت: والذي بعثك بالحق لقد بتنا ليلتنا هذه وَحْشَى ما لنا عشاء. قال: "اذهب إلى صاحب صدقة بني زُريق فقل له فليدفعها إليك، فأطعم


(٤) أبو داود في كتاب: الطلاق، باب: في الظهار، حديث (٢٢١٤، ٢٢١٥) (٢/ ٢٦٦ - ٢٦٧)، والطبراني في الكبير (٢٤/ ٢٤٧) (٦٣٣) والمزي في ترجمة معمر بن عبد الله بن حنظلة (٢٨/ ٣١٢) كلهم من طريق معمر بن عبد الله بن حنظلة بهذا الإسناد. ومعمر هذا قال الحافظ فيه: مقبول. والحديث حسنه الألباني في صحيح أبي داود (١٩٣٤ - ١٩٣٥).