والعشيرة، ولعل الله أن يهديهم، وقال عمر: لا أرى ما رأى يا رسول الله، هل تمكنني من فلان - قريب لعمر - فأقتله، وتُمكن [١] عليًّا من عقيل، وتُمكن [٢] فلانًا من فلان ليعلم الله أنه ليست في قلوبنا هوادة للمشركين … القصة بكمالها (٥٩).
وقوله: ﴿أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ﴾، أي: من اتصف بأنه لا يواد من حاد الله ورسوله ولو كان أباه أو أخاه، فهذا ممن كتب الله في قلبه الإيمان، أي كتب له السعادة وقررها في قلبه وزين الإيمان في بصيرته.
قال السدي: ﴿كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ﴾ أي [٣]: جعل في قلوبهم الإيمان.
وقال ابن عباس: ﴿وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ﴾، أي: قواهم.
وقوله: ﴿وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾: كل هذا تقدم تفسيره غير مرة.
وفي قوله: ﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾: سر بديع، وهو أنه لما سخطوا على القرائب والعشائر في الله عَوَّضهم الله بالرضا عنهم، وأرضاهم عنه بما أعطاهم من النعيم المقيم، والفوز العظيم، والفضل العميم.
وقوله: ﴿أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾. أي: هؤلاء حزب الله أي: عباد الله وأهل كرامته.
وقوله: ﴿أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾: تنويه بفلاحهم وسعادتهم ونصرهم في الدنيا والآخرة، في مقابلة ما أخبر عن أولئك بأنهم حزب الشيطان، ثم قال: ﴿أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾.
وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا هارون بن حميد الواسطي، حدثنا الفضل بن عنبسة، عن رجل قد سماه -يقال: هو عبد الحميد بن سليمان، انقطع من كتابي-، عن الذيال بن عباد قال: كتب أبو [٤] حازم الأعرج إلى الزهري: اعلم أن الجاه جاهان، جاه يجريه الله على أيدي أوليائه لأوليائه. وإنهم الخامل ذكرهم، الخفية شخوصهم، ولقد جاءت صفتهم على لسان رسول الله ﷺ: "إن الله يحب الأخفياء الأتقياء، الأبرياء الذين إذا غابوا لم يفتقدوا، وإذا حضروا لم يُدعَوا، قلوبهم مصابيح الهدى،
(٥٩) - تقدم تخريج القصة بكاملها في تفسير سورة الأنفال، آية (٦٧).