للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن من شيء إلا يسبح بحمده" وقوله: ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ﴾ أي منيع الجناب ﴿الْحَكِيمُ﴾ في قدره وشرعه.

وقوله: ﴿هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾، يعني: يهود بني النضير. قاله ابن عباس، ومجاهد والزهري، وغير واحد. كان رسول الله لما قدم المدينة هادنهم وأعطاهم عهدًا وذمة على أن لا يقاتلهم ولا يقاتلوه، فنقضوا العهد الذي كان بينهم وبينه، فأحل الله بهم بأسه الذي لا مَرَدَّ له، وأنزل عليهم قضاءه الذي لا يُصَدّ، فأجلاهم النبي وأخرجهم من حصونهم الحصينة التي ما طمع فيها [١] المسلمون، وظنوا هم أنها مانعتهم من بأس الله، فما أغنى عنهم من الله شيئًا، وجاءهم ما لم يكن ببالهم، وسيَّرهم رسول الله وأجلاهم من المدينة، فكان منهم طائفة ذهبوا إلى أذرعات من أعالي الشام، وهي أرض المحشر والمنشر، ومنهم طائفة ذهبوا إلى خيبر. وكان قد أنزلهم منها على أن لهم ما حملت إبلهم، فكانوا يخربون ما في بيوتهم من المنقولات التي يمكن أن تحمل معهم ولهذا قال: ﴿يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيدِيهِمْ وَأَيدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ﴾، أي: تفكروا في عاقبة من خالف أمر الله وخالف رسوله، وكذب كتابه، كيف يحل به من بأسه الخزي له في الدنيا، مع ما يدخره له في الآخرة من العذاب الأليم.

قال أبو داود: حدثنا محمد بن داود بن [٢] سفيان، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن رجل من أصحاب النبي : أن كفار قريش كتبوا إلى ابن [أبيّ ومن] [٣] كان معه يعبد معه الأوثان من الأوس والخزرج، ورسول الله يومئذ بالمدينة قبل وقعة بدر: إنكم آويتم [٤] صاحبنا، وإنا [٥] نقسم بالله لتقاتلنه [أو لتخرجنه] [٦]، أو لنسيرن إليكم بأجمعنا، حتى نقتل مقاتلتكم ونستبيح نساءكم، فلما بلغ ذلك [] [٧] عبد الله بن أبيّ ومن كان معه من عبدة الأوثان، اجتمعوا [٨] لقتال النبي فلما بلغ ذلك النبي لقيهم فقال: "لقد بلغ وعيد قريش منكم المبالغ، ما كانت تكيدكم بأكثر مما تريد أن تكيدوا به أنفسكم، تريدون أن تقاتلوا أبناءكم وإخوانكم؟ " فلما سمعوا ذلك


[١]- في ز، خ: "بها".
[٢]- في ز، خ: "و".
[٣]- ما بين المعكوفتين في ز، خ: "أم رب".
[٤]- في ز، خ: "أدنيتم".
[٥]- في ز، خ: "وإنما".
[٦]- ما بين المعكوفتين في ز، خ: "ولنخرجنكم".
[٧]- ما بين المعكوفتين في ز، خ: "ولد".
[٨]- في ز، خ: "أحملوا".