للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ كقوله تعالى: ﴿إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ وقال عدي بن أبي طلحة عن ابن عباس: الغني الذي قد كمل في غناه وهو الله هذه صفته لا تنبغي إلا له ليس له كفء وليس كمثله شيء سبحان الله الواحد القهار، والحميد المستحمد إلى خلقه أي هو المحمود في جميع أقواله وأفعاله لا إله [١] غيره ولا رب سواه.

﴿عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَينَكُمْ وَبَينَ الَّذِينَ عَادَيتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧) لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٨) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٩)

يقول تعالى لعباده المؤمنين بعد أن أمرهم بعداوة الكافرين: ﴿عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَينَكُمْ وَبَينَ الَّذِينَ عَادَيتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً﴾ أي: محبة بعد البِغضَة، ومودة بعد النفرة، وألفة بعد الفرقة. ﴿وَاللَّهُ قَدِيرٌ﴾، أي: على ما يشاء من الجمع بين الأشياء المتنافرة والمتباينة والمختلفة، فيؤلف بين القلوب بعد العداوة والقَساوة، فتصبح مجتمعة متفقة، كما قال تعالى ممتنًا على الأنصار: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَينَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا … ﴾ الآية. وكذا قال لهم النبي : "ألم أجدكم ضلالًا فهداكم الله بي؟ وكنتم متفرقين فألفكم الله بي؟ " (١٥). وقال الله تعالى: ﴿وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (٦٢) وَأَلَّفَ بَينَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَينَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَينَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ وفي الحديث "أحبِبْ حَبيبَكَ هونًا مَا، فعسى أن يكونَ بغيضَكَ يومًا ما. وأبغِض بغَيضك هونًا ما، فعسى أن يكون حبيبك يومًا ما" (١٦).


(١٥) - أخرجه البخاري في كتاب: المغازي، باب: غزوة الطائف، حديث (٤٣٣٠) (٨/ ٤٧) وطرفه في [٧٢٤٥]. ومسلم في باب الزكاة، باب: إعطاء المؤلفة قلوبهم وتصبر من قوى إيمانه، حديث (١٣٩/ ١٠٦١) (٧/ ٢٢٠ - ٢٢١). كلاهما من حديث عبد الله بن زيد بن عاصم.
(١٦) - أخرجه الترمذي في باب البر. والصلة، باب: ما جاء في المداراة، حديث (١٩٩٨) =