للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال: ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ﴾ أي: بالعدل والحكمة، ﴿وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ﴾، أي: أحسن أشكالكم، كقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٦) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (٧) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ﴾ وكقوله: ﴿اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا [١] وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ﴾ الآية وقوله: ﴿وَإِلَيهِ الْمَصِيرُ﴾ أي: المرجع والمآب.

ثم أخبر تعالى عن علمه بجميع الكائنات السمائية والأرضية والنفسية، فقال: ﴿يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَ [٢] الْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾.

﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَال أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٥) ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (٦)

يقول تعالى مخبرًا عن الأمم الماضين، وما حل بهم من العذاب والنكال؛ في [٣] مخالفة الرسل والتكذيب بالحق، فقال: ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ﴾، أي: خبرهم وما كان من أمرهم، ﴿فَذَاقُوا وَبَال أَمْرِهِمْ﴾، أي: وخيم تكذيبهم ورديء أفعالهم، وهو ما حل بهم في الدنيا من العقوبة والخزي، ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾، أي: في الدار الآخرة مضاف إلى هذا [٤] الدنيوي. ثم علل ذلك فقال: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ﴾، أي: بالحجج والدلائل والبراهن، ﴿فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا﴾، أي: استبعدوا أن تكون الرسالة في البشر، وأن يكون هداهم على يدي بشر مثلهم، ﴿فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا﴾، أي: كذبوا بالحق ونكلوا عن العمل، ﴿وَاسْتَغْنَى اللَّهُ﴾، أي: عنهم، ﴿وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾.

﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ


= وقد أخرج الحديث الطبراني في الأوسط (٢/ ٢١٢) (١٧٦٣) من طريق الوليد بن الوليد بهذا الإسناد لكن الذي فيه: "خمس آيات من فاتحة الكتاب". وبهذا اللفظ الأخير ذكره الهيثمي في المجمع (٦/ ٣١٤)، وقال: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه الوليد بن الوليد، وثقه أبو حاتم وابن حبان وتركه جماعة، وبقية رجاله ثقات.