للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمَنْ قُدِرَ عَلَيهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (٧)

يقول تعالى آمرًا عباده إذا طلَّق أحدُهم المرأة أن يُسكنها في منزل حتى تنقضي عدتها، فقال: ﴿أسكنوهن من حيث سكنتم﴾، أي: عندكم، ﴿من وجدكم﴾، قال ابن عباس، ومجاهد، وغير واحد: يعني: سَعَتكم حتى قال قتادة: وإن لم تجد إلا جنب بيتك فأسكنها فيه.

وقوله: ﴿وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيهِنَّ﴾، قال مقاتل بن حيان: يعني يضاجرها لتفتدي منه بمالها أو تخرج من مسكنه.

وقال الثوري: عن منصور، عن أبي الضحى: ﴿وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيهِنَّ﴾، قال: يطلقها فإذا بقي يومان راجعها.

وقوله: ﴿وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾، قال كثير من العلماء منهم ابن عباس، وطائفة من السلف، وجماعات من الخلف: هذه في البائن، إن كانت حاملًا أنفق عليها حتى تضع حملها. قالوا: بدليل أن الرجعية تجب نفقتها سواء كانت حاملًا أو حائلًا.

وقال آخرون: بل السياق كله في الرجعيات، وإنما نص على الإِنفاق [علي الحامل] [١] وإن كانت رجعية؛ لأن الحمل تطول مدته غالبًا، فاحتيج إلى النص علي وجوب الإِنفاق إلى الوضع، لئلا يتوهم أنه [٢] إنما تجب النفقة بمقدار مدة العدة.

واختلف العلماء: هل النفقة لها بواسطة الحمل، أو للحمل وحده؟ علي قولين منصوصين عن الشافعي وغيره، ويتفرع عليها [٣] مسائل مذكورة في علم الفروع.

وقوله: ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ﴾، أي: إذا وضعن حملهن وهن طوالق، فقد بنّ بانقضاء عدتهنّ، ولها حينئذ أن ترضع الولد، ولها أن تمتنع منه، ولكن بعد أن تغذيه باللَّبَأ -وهو باكورة اللبن الذي لا قوام للولد غالبًا إلا به- فإن أرضعت استحقت أجرة مثلها، ولها أن تعاقد [أباه أو] [٤] وليه على ما يتفقان عليه من أجرة؛ ولهذا قال تعالى: ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾.


[١]- ما بين المعكوفتين سقط من ز.
[٢]- سقط من ز.
[٣]- في ز: عليهما.
[٤]- ما بين المعكوفتين في ز: "إياه أي".