للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إسناده فيه نظر، وقد تبين مما أوردناه تفسير هذه الآيات الكريمات.

ومعنى قوله: ﴿مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ﴾ ظاهر.

وقوله ﴿سَائِحَاتٍ﴾، أي: صائمات، قاله أبو هريرة، وعائشة، وابن عباس، وعكرمة، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وعطاء، ومحمد بن كعب القرظي، وأبو عبد الرحمن السلمي، وأبو مالك، وإبراهيم النخعي، والحسن، وقتادة والضحاك، والربيع بن أنس، والسُدّي، وغيرهم، وتقدم فيه حديث مرفوع عند قوله ﴿السائحون﴾ من سورة "براءة"، ولفظه: "سياحةُ هذه الأمة الصيامُ" (٢٦) وقال زيد بن أسلم، وابنه عبد الرحمن: ﴿سَائِحَاتٍ﴾، أي: مهاجرات: وتلا عبد الرحمن: ﴿السائحون﴾، أي المهاجرون، والقول الأول أولى، والله أعلم.

وقوله: ﴿ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا﴾، أي: منهن ثيبات، ومنهن أبكارًا، ليكون ذلك أشهى إلى النفوس، فإن التنوع يبسط النفسَ، ولهذا قال: ﴿ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا﴾.

وقال أبو القاسم الطبراني في معجمه الكبير: حدثنا أبو بكر بن صدقة، حدثنا محمد بن محمد [] [١] بن مرزوق، حدثنا عبد الله بن أمية [٢]، حدثنا عبد القدوس، عن صالح بن حَيّان، عن ابن بُرَيدة، عن أبيه: ﴿ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا﴾، قال: وعد الله نبيه في هذه الآية أن يزوجه، فالثيب آسية امرأة فرعون، وبالأبكار مريم بنت عمران.

وذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة "مريم " (٢٧)، من طريق سُوَيد بن سعيد [٣]: حدثنا محمد بن صالح بن عمر، عن الضحاك ومجاهد، عن ابن عمر قال: جاء جبريل إلى رسول الله بموت خديجة فقال: إن الله يقرئها السلام، ويبشرها ببيت في الجنة من قصب، بعيد من اللهب، لا نصب فيه ولا صخب، من لؤلؤة [جوفاء] [٤] بين بيت مريم بنت عمران وبيت آسية بنت مزاحم.

ومن حديث أبي بكر الهذلي (٢٨)، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه


(٢٦) راجع تفسير سورة التوبة، آية: (١٠٢).
(٢٧) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (١٩/ ٥٤٣ - مخطوط).
(٢٨) أخرجه ابن عساكر في الموضع السابق.