للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. وقوله ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا﴾، أي [حفظته و] [١]، صانته.

[و] [٢] الإحصان: هو العفاف والحرية، ﴿فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا﴾، أي: بواسطة الملك، وهو جبريل، فإن الله بعثه إليها [٣] فتمثل لها في صورة بشر سَوي، وأمره الله تعالى أن ينفخ بفيه في جيب [٤] درعها، فنزلت النفخة فولجت في فرجها، فكان منه الحمل بعيسى ؛ ولهذا قال: ﴿فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ﴾، أي: بقدره وشرعه، ﴿وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ﴾. قال الإمام أحمد (٤٦): حدثنا يونس، حدثنا داود بن أبي الفرات، عن علباء، عن عكرمة، عن ابن عَباس قال: خط رسول الله في الأرض أربعة خطوط، وقال: "أتدرون ما هذا؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم. فقال رسول الله : "أْفضل نساء أهل الجنة: خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم ابنة عمران، وآسية ابنة مزاحم امرأة فرعون".

وثبت في الصحيحين (٤٧) من حديث شعبة، عن عمرو بن مُرّة، عن مُرّة الهَمْداني، عن أبي موسى الأشعري، عن النبي أنه قال: "كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام".

وقد ذكرنا طرق هذه الأحاديث وألفاظها، والكلام عليها في قصة عيسى ابن مريم في كتابنا "البداية والنهاية"، ولله الحمد والمنة، وذكرنا ما ورد من الحديث من أنها تكون هي وآسية بنت مزاحم من أزواجه في الجنة عند قوله: ﴿ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا﴾.

آخر تفسير سورة التحريم، ولله الحمد [والمنة] [٥].

* * *


(٤٦) المسند (١/ ٢٩٣) (٢٦٦٨) قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٩/ ٢٢٦): رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني ورجالهم رجال الصحيح. ا هـ.
(٤٧) صحيح البخاري، كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ﴾ إلى قوله: ﴿وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ﴾، حديث (٣٤١١) (٦/ ٤٤٦). وأطرافه في [٣٤٣٣، ٣٧٦٩، ٥٤١٨]. ومسلم في كتاب: فضائل الصحابة، باب: فضائل خديجة أم المزمنين - رضي الله تعالى عنها - حديث (٧٠/ ٢٤٣١) (١٥/ ٢٨٥).