للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن عباس، والضحاك، والسدي: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ﴾، يعني: يا أيها النائم. وقال قتادة: المزمل في ثيابه. وقال إبراهيم النخعيّ: نَزَلت وهو مُتزمّل بقطيفة. وقال شبيب بن بشر عن عكرمة، عن ابن عباس: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ﴾ قال: يا محمَّد، زملت القرآن.

وقوله: ﴿نِصْفَهُ﴾: بدل من الليل، ﴿أَو انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (٣) أَوْ زِدْ عَلَيهِ﴾ أي: أمرناك أن تقوم نصف الليل بزيادة قليلة أو نقصان قليل، لا حرج عليك في ذلك.

وقوله: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾، أي: اقرأه على تمهل، فإنه يكون عونًا على فهم القرآن وتدبره. وكذلك كان يقرأ، صلوات الله وسلامه عليه، قالت عائشة: كان يقرأ السورة فيرتلها، حتى تكون أطول من أطول منها. وفي صحيح البخاري (٢)، عن أنس أنه سُئِل عن قراءة رسول الله فقال: كانت مدًّا، ثم قرأ: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، يمد بسم الله، ويمد الرحمن، ويمد الرحيم.

وقال ابن جريج. عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة: أنها سُئلت عن قراءة رسول الله فقالت: كان يقَطع قراءته آية آية ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (١) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ (٢) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)﴾. رواه أحمد (٣)، وأبو داود، والترمذي.

وقال الإِمام أحمد (٤): حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن عاصم، عن زرّ، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي قال: "يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها".

ورواه أبو داود والترمذي، والنسائي من حديث سفيان الثوري به. وقال الترمذي: حسن صحيح.

وقد قدمنا في أول التفسير الأحاديث الدالة على استحباب الترتيل وتحسين الصوت بالقراءة، كما جاء في الحديث: "زينوا القرآن بأصواتكم" (٥).


(٢) أخرجه البخاري في كتاب: فضائل القرآن، باب: مد القراءة، حديث (٥٠٤٦) (٩/ ٩١).
(٣) أخرجه أحمد (٦/ ٣٠٢) (٢٦٦٩٢). وأبو داود في كتاب: الحروف والقراءات، حديث (٤٠٠١).
والترمذي في كتاب: القراءات، باب: في فاتحة الكتاب، حديث (٢٩٢٨) (٨/ ١٢٦ - ١٢٧).
وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (٣٣٧٩).
(٤) أخرجه أحمد (٢/ ١٩٢) (٦٧٩٩). وأبو داود في كتاب: الصلاة، باب: استحباب الترتيل في القراءة، حديث (١٤٦٤) (٢/ ٧٣). والترمذي في كتاب: ثواب القرآن، باب: الذي ليس في بيته قرآن كالبيت الخرب، حديث (٢٩١٥) (٨/ ١١٧). والنسائي في الكبرى في كتاب: فضائل القرآن، باب: الترتيل، حديث (٨٠٥٦) (٥/ ٢٢). وصححه أحمد شاكر في تعليقه على المسند.
(٥) أخرجه البخاري معلقا في كتاب: التوحيد، باب: (٥٢)، حديث (٧٥٤٤) (١٣/ ٥١٨). وأخرجه مسندًا في خلق أفعال العباد (٢٥٠، ٢٥١). وأخرجه أحمد (٤/ ٢٨٣) (١٨٥٤٥). وأبو داود في =