للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن عطية العوفي، عن أبي سعيد، عن النبي : ﴿سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا﴾، قال: "هو جبل في النار من نار يكلف أن يصعده [١]، فإذا وضع يده ذابت، وإذا [٢] رفعها عادت، وإذا وضع رجله ذابت، وإذا رفعها عادت".

ورواه البزار (١١) وابن جرير من حدثنا شريك به. وقال قتادة عن ابن عباس: صعود: صخرة عظيمة يسحب عليها الكافر على وجهه. وقال السدي: صعود: صخرة ملساء في جهنم يكلف أن يصعدها. وقال مجاهد: ﴿سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا﴾، أي: مشقة من العذاب. وقال قتادة: عذابًا لا راحة فيه. واختاره ابن جرير.

وقوله: ﴿إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ﴾، أي: إنما أرهقناه صعودًا، أي: قربناه من العذاب الشاق لبعده عن الإيمان، لأنه فكر وقدر، أي: تَرَوى ماذا يقول في القرآن حين سُئل عن القرآن، ففكر ماذا يختلق [٣] من المقال، ﴿وَقَدَّرَ﴾، أي: تروى، ﴿فَقُتِلَ كَيفَ قَدَّرَ (١٩) ثُمَّ قُتِلَ كَيفَ قَدَّرَ﴾: دعاء عليه، ﴿ثُمَّ نَظَرَ﴾، أي: أعاد النظر [٤] والتروي، ﴿ثُمَّ عَبَسَ﴾، أي: قبض بين [٥] عينيه وقطب ﴿وَبَسَرَ﴾، أي: كلح وكره، ومنه قول توبة بن الحُمَير الشاعر:

وَقَد رَابَني منها صُدُودٌ رَأيتُهُ … وَإعرَاضُها عَن حاجَتي وبُسُوْرُهَا

وقوله: ﴿ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ﴾، أي: صُرف عن الحق ورجع القهقرى مستكبرًا عن الانقياد للقرآن، ﴿فَقَال إِنْ هَذَا إلا سِحْرٌ يُؤْثَر﴾، أي: هذا سحر ينقله محمد عن غيره ممن [٦] قبله ويحكيه عنهم؛ ولهذا قال: ﴿إِنْ هَذَا إلا قَوْلُ الْبَشَرِ﴾، أي: ليس بكلام اللَّه.

وهذا المذكور في هذا السياق هو: الوليد بن المغيرة المخزومي، أحد رؤساء قريش -لعنه اللَّه- وكان من خبره في هذا ما رواه العوفي، عن ابن عباس (١٢) قال: دخل الوليد بن المغيرة على أبي بكر بن أبي قحافة فسأله عن القرآن، فلما أخبره خرج على قريش فقال: يا عجبًا لما يقول ابن أبي كبشة، فواللَّه ما هو بشعر ولا بسحر ولا بهَذْي من الجنون، وإن قوله لمن كلام


(١١) أخرجه الطبري (٢٩/ ١٥٥). والطبراني في الأوسط (٥/ ٣٦٦) (٥٥٧٣). قال الهيثمي في "المجمع" (٧/ ١٣٤): وفيه عطية وهو ضعيف.
(١٢) - أخرجه الحاكم (٢/ ٥٠٦ - ٥٠٧). والبيهقي في الدلائل (٢/ ١٩٨ - ١٩٨) كلاهما من طريق عكرمة عن ابن عباس بنحو هذا الحديث. قال الحاكم: حديث صحيح الإسناد على شرط البخاري ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.