للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: "اجلس حتى أخبرك بغنى الرب ﷿ عن صلاة أبي جحش، إن لله في السماء الدنيا ملائكة خشوعًا [١]، لا يرفعون رءوسهم حتى تقوم الساعة. فإذا قامت رفعوا رءوسهم، ثم قالوا: ربنا، ما عبدناك حق عبادتك، وإن لله في السماء الثانية ملائكة سجودًا [٢]، لا يرفعون رءوسهم حتى تقوم الساعة، فإذا قامت الساعة رفعوا رءوسهم، وقالوا: سبحانك! ما عبدناك حق عبادتك". فقال له عمر: وما يقولون يا رسول الله؟ فقال: "أما أهل السماء الدنيا فيقولون: سبحان ذي الملك والملكوت، وأما أهل السماء الثانية فيقولون: سبحان ذي العزة والجبروت، وأما أهل السماء الثالثة فيقولون: سبحان الحي الذي لا يموت؛ فقلها يا عمر في صلاتك".

فقال عمر: رسول الله؛ فكيف بالذي كنت علمتني وأمرتني أن أقوله في صلاتي؟ فقال: "قل هذا مرة وهذا مرة".

وكان الذي أمره به أن يقوله: "أعوذ بعفوك من عقابك، وأعوذ برضاك من سَخَطك [٣]، وأعوذ بك منك، جل وجهك".

هذا حديث غريب جدًّا، بل منكر نكارة شديدة، وإسحاق الفَروي روى عنه البخاري، وذكره ابن حبان في الثقات وضعفه أبو داود والنسائي والعقيلي والدارقطني، وقال أبو حاتم الرازي: "كان صدوقًا إلا أنه ذهب بصره، فربما لقن [٤] وكتبه صحيحة". وقال مرة: هو مضطرب، وشيخه عبد الملك بن قدامة أبو قتادة الجمحي: تكلم فيه أيضًا.

والعجب من الإمام محمد بن نصر، كيف رواه ولم يتكلم عليه، ولا عَرّف بحاله، ولا تعرض لضعف بعض رجاله؟! غير أنه رواه من وجه آخر عن سعيد بن جبير مرسلًا بنحوه. ومن طريق أخرى عن الحسن البصري مرسلًا (٢٤)، قريبًا منه، ثم قال محمد بن نصر (٢٥):

حدثنا محمد بن عبد الله بن قهزاذ [٥] أخبرنا النضر، أخبرنا عباد بن منصور، قال: سمعت عدي بن أرطاة، وهو يخطبنا على منبر المدائن؛ قال: سمعت رجلًا من أصحاب النبي ، عن رسول الله ، قال: "إن لله تعالى ملائكة تَرعدُ فرائصهم من خيفته، ما منهم ملك تقطر منه دمعة من عينه إلا وقعت على ملك يصلي، وإن منهم ملائكة سجودًا منذ خلق الله السماوات والأرض لم يرفعوا رءوسهم، ولا يرفعونها إلى يوم


(٢٤) تعظيم قدر الصلاة (١/ ٢٦٣ - ٢٦٥) (٢٥٧).
(٢٥) تعظيم قدر الصلاة (١/ ٢٦٦ - ٢٦٧) (٢٥٨).