للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والشر: لو فعلت كذا وكذا.

ورواه ابن جرير (١)، عن أبي كُرَيب، عن وكيع عن إسرائيل به.

وقال ابن جرير (٢): حدثنا محمد بن بشار، حدثنا مؤمل، حدثنا سفيان، عن ابن جُرَيج، عن الحسن بن مسلم، عن سعيد بن جبير في: ﴿وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ﴾، قال: تلوم على الخير والشر.

ثم رواه من وجه آخر (٣) عن سعيد أنه سأل ابن عباس عن ذلك، فقال: هي النفس اللئوم.

وقال ابن أبي نجيح، عن مجاهد: تندم على ما فات وتلوم عليه. وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ﴿اللَّوَّامَةِ﴾: المذمومة [١]. وقال قتادة: ﴿اللَّوَّامَةِ﴾: الفاجرة.

قال ابن جرير: وكل هذه الأقوال متقاربة بالمعنى، والأشبة بظاهر التنزيل أنها التي تلوم صاحبها على الخير والشر، وتندم على ما فات.

وقوله: ﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ﴾، أي: يوم القيامة، أيظن أنا لا نقدر على إعادة عظامه وجمعها من أماكنها المتفرقة؟ ﴿بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ﴾ - قال سعيد بن جُبَير والعَوفي، عن ابن عباس: أن نجعله خفًّا أو حافرًا [٢].

وكذا قال مجاهد، وعكرمة، والحسن، وقتادة، والضحاك، وابن جرير. ووجَّهه ابنُ جرير بأنه تعالى لو شاء لجعل ذلك في الدنيا.

والظاهر من الآية أن قوله ﴿قَادِرِينَ﴾ حال من قوله: ﴿نَجْمَعَ﴾، أي: أيظن الإنسان أنا لا نجمع عظامه؟ بلى سنجمعها قادرين على أن نُسَوِّي بنانه، أي: قدرتنا صالحة لجمعها، ولو شئنا لبعثناه أزيد مما كان، فنجعل بنانه - وهي أطراف أصابعه - مستوية. وهذا معنى قول ابن قتيبة، والزجاج.

وقوله: ﴿بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ﴾ - قال سعيد، عن ابن عباس: يعني يمضي قُدُمًا.

وقال العوفي، عن ابن عباس: ﴿لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ﴾ يعني الأمل [٣]، يقول الإنسان. أعمل ثم أتوب قبل يوم القيامة، ويقال: هو الكفر بالحق بين يدي القيامة.


(٢) تفسير الطبري (٢٩/ ١٧٤).
(٣) تفسير الطبري في الموضع السابق.