للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذا الناشرات هي: الرياح التي تنشر السحاب في آفاق السماء، كما يشاء الرب ﷿.

وقوله: ﴿فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا (٤) فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا (٥) عُذْرًا أَوْ نُذْرًا﴾، يعني: الملائكة. قاله ابن مسعود، وابن عباس، ومسروق، ومجاهد، وقتادة، والربيع بن أنس، والسدي، والثوري. ولا خلاف ها هنا؛ بأنها تنزل بأمر الله على الرسل، تفرق بين الحق والباطل، والهدى والغَي، والحلال والحرام، وتلقى إلى الرسل وحيًا فيه إعذار إلى الخلق، وإنذارٌ لهم عقابَ الله إن خالفوا أمره.

وقوله: ﴿إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ﴾: هذا هو المقسم عليه بهذه الأقسام، أي [١]: ما وعدتم به من قيام الساعة، والنفخ في الصور، وبها الأجساد، وجمع الأولين والآخرين في صعيد واحد، ومجازاة كل عامل بعمله، إن خيرا فخير وإن شرا فشر، إن هذا كله- ﴿لَوَاقِعٌ﴾، أي؛ لكائن لا محالة.

ثم قال: ﴿فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ﴾، أي: ذهب ضوؤها، كقوله: ﴿وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ﴾.

وكقوله: ﴿وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ﴾.

﴿وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ﴾، أي: انفطرت وانشقت، وتدلت [٢] أرجاؤها، وَوَهَت أطرافها.

﴿وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ﴾، أي: ذُهِب بها، فلا يبقى لها عين ولا أثر، كقوله: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (١٠٥) فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (١٠٦) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا﴾.

وقال تعالى: ﴿وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَال وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا﴾.

وقوله: ﴿وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ﴾ قال العوفي، عن ابن عباس: جمعت.

وقال ابن زيد: وهذه كقوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ﴾.

وقال مجاهد: ﴿أُقِّتَتْ﴾: أجلت.

وقال الثوري، عن منصور، عن إبراهيم: ﴿أُقِّتَتْ﴾: أوعدت. وكأنه يجعلها كقوله: ﴿وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَينَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾.

ثم قال: ﴿لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (١٢) لِيَوْمِ الْفَصْلِ (١٣) وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ (١٤) وَيلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾، يقول تعالى: لأي يوم أجلت الرسل وأرجئ أمرها؟ حتى تقوم الساعة، كما قال


[١]- في ز: أن.
[٢]- في ز: بدلت.