للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تقدم مثل هذه الآية في "سورة الفرقان".

﴿وَجَعَلْنَا [١] اللَّيلَ لِبَاسًا﴾، أي: يغشى الناس ظلامه وسواده، كما قال: ﴿وَاللَّيلِ إِذَا يَغْشَاهَا﴾، وقال الشاعر:

فلمَّا لَبِسْنَ الليلَ أو حِينَ نَصّبَتْ … لَهُ مِن خَذَا آذانِها وَهْوَ جَانِحُ

وقال قتادة في قوله: ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيلَ لِبَاسًا﴾، أي: سكنًا.

وقوله: ﴿وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا﴾، أي: جعلناه مشرقًا مُنِيرًا مضيئًا، ليتمكن الناس من التصرف فيه والذهاب والمجيء للمعاش والتكسب والتجارات، وغير ذلك.

وقوله: ﴿وَبَنَينَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا﴾، يعني: السنوات السبع، في اتساعها وارتفاعها وإحكامها وإتقانها، وتزيينها بالكواكب الثوابت [٢] والسيارات؛ ولهذا قال: ﴿وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا﴾، يعني: الشمس المنيرة على جميع العالم التي يتوهج ضوؤها لأهل الأرض كلهم.

وقوله: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا﴾ قال العوفي عن ابن عباس: ﴿الْمُعْصِرَاتِ﴾: الريح.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد، حدثنا أبو داود الحَفَري، عن سفيان، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ﴾، قال: الرياح، وكذا قال عكرمة، ومجاهد، وقتادة، ومقاتل، والكلبي، وزيد بن أسلم، وابنه عبد الرحمن. إنها الرياح. ومعنى هذا القول أنها تستدر المطر من السحاب. وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ﴿مِنَ الْمُعْصِرَاتِ﴾، أي: من السحاب. وكذا قال عكرمة أيضًا، وأبو العالية، والضحاك، والحسن، والربيع بن أنس، والثوري. واختاره ابن جرير.

وقال الفراء: هي السحاب التي تتَحلَّب بالمطر [ولم تُمطر] [٣] بعدُ، كما يقال [٤]: امرأة معصر: إذا دنا حيضها ولم تحض.

وعن الحسن وقتادة: ﴿مِنَ الْمُعْصِرَاتِ﴾ يعني السماوات. وهذا قول غريب.

والأظهر أن المراد بالمعصرات: السحاب، كما قال تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيفَ يَشَاءُ وَ [٥] يَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ﴾، أي: من بينه.


[١]- سقط من ز.
[٢]- سقط من ز.
[٣]- في ز، خ: يوم المطر.
[٤]- في ز: قال.
[٥]- في ز: ثم.