للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخبرنا معمر، عن قتادة عن أنس في قوله: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾، جاء ابن أم مكتوم إلى النبي وهو يكلم أبي بن خلف، فأعرض عنه، فأنزل الله: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى﴾، فكان النبيّ بعد ذلك يكرمه.

وقال قتادة: وأخبرني أنس بن مالك؛ قال: رأيته يوم القادسية وعليه درع، ومعه راية سوداء، يعني ابن أم مكتوم.

وقال أبو يعلى (٢) وابن جرير (٣): حدثنا سعيد بن يحيى الأموي، حدثني أبي، عن هشام بن عروة [مما عرضه [١] عليه عن عروة، عن عائشة؛ قالت: أنزلت: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ في ابن أم مكتوم الأعمى، أتى إلى رسول الله فجعل يقول: أرشدني -قالت: وعند رسول الله من عظماء المشركين- قالت: فجعل النبي يُعرض عنه ويقبل على الآخر، ويقول: "أترى بما أقول بأسًا؟ ". فيقول: لا. ففي هذا أنزلت: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾.

وقد روى الترمذي (٤) هذا الحديثَ، عن سعيد بن يحيى الأموي، بإسناده مثله، ثم قال: "وقد رواه بعضهم عن هشام بن عروة، عن أبيه؛ قال: أنزلَت ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ في ابن أم مكتوم، ولم يذكر فيه عن عائشة". قلت: كذلك هو في الموطأ.

ثم روى ابن جرير (٥) وابن أبي حاتم أيضًا من طريق العوفي، عن ابن عباس في قوله: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى﴾، قال: بينا رسول الله يناجي عتبَة بن ربيعة، وأبا جهل بنَ هشام، والعباس بن عبد المطلب -وكان يتصدى لهم كثيرًا، ويحرص عليهم أن يؤمنوا -فأقبل إليه رجل أعمى- يقال له عبد الله بن أم مكتوم- يمشي وهو يناجيهم، فجعل عبد الله يستقرئ النبي آية من القرآن، وقال: يا رسول الله؛ علّمني مما علمك الله، فأعرض عنه رسول الله ، وعبس في وجهه، وتولى وكره كَلامَه، وأقبل على الآخرين، فلما قضى رسولُ الله نجواه، وأخذ ينقلب إلى أهله، أمسك الله بعض بصره، ثم خَفَقَ برأسه، ثم أنزل الله. ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (٢) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (٣) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى﴾. فلما نزل فيه ما


(٢) مسند يعلى (٨/ ٢٦١) (٤٨٤٨).
(٣) تفسير الطبري (٣٠/ ٥٠).
(٤) سنن الترمذي، كتاب: التفسير، باب: ومن سورة عبس، حديث (٣٣٢٨) (٩/ ٦٧ - ٦٨). وقال الترمذي: حسن غريب. وصحح إسناده الألباني في صحيح سنن الترمذي (٢٦٥١، ٣٥٦٦).
(٥) تفسير الطبري (٣٠/ ٥١).