وقوله: ﴿وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ﴾، قال ابن جرير (٢٦): حدثنا أبو كريب، حدثنا ابن عطية، عن شريك، عن خُصَيف، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: ﴿وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ﴾، الوالد: الذي يلد، وما ولد: العاقر الذي لا يولد له.
ورواه ابن أبي حاتم، من حديث شريك - وهو ابن عبد الله القاضي به.
وقال عكرمة: الوالد: العاقر، وما ولد: الذي يلد. رواه ابن أبي حاتم.
وقال مجاهد، وأبو صالح، وقتادة، والضحاك، وسفيان الثوري، وسعيد بن جبير، والسدي، والحسن البصري، وخُصَيف، وشرحبيل بن سعد وغيرهم: يعني بالوالد: آدم، وما ولد: ولده.
وهذا الذي ذهب إليه مجاهد وأصحابه حَسَنٌ [١] قوي؛ لأنه تعالى لما أقسم بأم القرى وهي المساكن أقسم بعده بالساكن، وهو آدم أبو البشر وولده.
وقال أبو عمران الجوني: هو إبراهيم وذريته. رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم.
واختار ابن جرير أنه عام في كل والد وولده. وهو محتمل أيضًا.
وقوله: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ﴾: زوي عن ابن مسعود، وابن عباس، وعكرمة، ومجاهد، وإبراهيم النخعي، وخيثمة، والضحاك، وغيرهم: يعني منتصبًا -زاد ابن عباس في رواية عنه- في بطن أمه.
والكبد: الاستواء والاستقامة. ومعنى هذا القول: لقد خلقنا الإنسان سويا مستقيمًا كقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٦) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ﴾ وكقوله: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْويمٍ﴾ وقال ابن جريج وعطاء، عن ابن عباس: في كبد، قال [٢]: في شدَة خلق، ألم تر إليه … وذكر مولده ونبات أسنانه.
وقال مجاهد: ﴿فِي كَبَدٍ﴾: نطفة، ثم علقة، ثم مضغة يتكبد في الخلق - قال مجاهد: وهو كقوله: ﴿حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا﴾، وأرضعته كرهًا، ومعيشته كره، فهو يكابد ذلك.
وقال سعيد بن جبير [٣]: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ﴾: في شدة وَطَلَب معيشة.
وقال عكرمة: في شدة وطول. وقال قتادة: في [٤] مشقة.
(٢٦) تفسير الطبري (٣٠/ ١٩٥).