للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال السدي عن ابن عباس: من رضا محمد أن لا يدخل أحد من أهل بيته النار. رواه [١] ابن جرير (٧)، وابن أبي حاتم.

وقال الحسن: يعني بذلك: الشفاعة، وهكذا قال أبو جعفر الباقر [٢].

وقال أبو بكر بن أبي شيبة (٨): حدثنا معاوية بن هشام، عن علي بن صالح، عن يزيد [٣] ابن أبي زياد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله؟ قال: قال رسول الله : "إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا: ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾.

ثم قال تعالى -يعدد نعمه [٤] على عبده ورسوله محمد صلوات الله وسلامه عليه: ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى﴾، ذلك أن أباه توفي وهو حمل في بطن أمه، وقيل: بعد أن ولد . ثم توفيت أمه آمنة بنت وهب وله من العمر ست سنين، ثم كان في كفالة جده عبد المطلب، إلى أن توفي وله من العمر ثمان سنين، فكفله عمه أبو طالب، ثم لم يزل يحوطه وينصره ويرفع من قدره ويوقره، ويكف عنه أذى قومه بعد أن ابتعثه الله على رأس أربعين سنة من عمره، هذا وأبو طالب على دين قومه من عبادة الأوثان، وكل ذلك بقدر الله وحسن تدبيره، إلى أن توفي أبو طالب قبل الهجرة بقليل، فأقدم عليه سفهاء قريش وجهالهم، فاختار الله له الهجرة من بين أظهرهم إلى بلد الأنصار من الأوس والخزرج، كما أجرى الله سُنّته [٥] على الوجه الأتم الأكمل. فلما وصل إليهم آووه ونصروه وحاطوه وقاتلوا بين يديه أجمعين - وكل هذا من حفظ الله له وكلاءته وعنايته به.

وقوله: ﴿وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى﴾ كقوله: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَينَا إِلَيكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ ومنهم من قال: المراد بهذا أنه ضل [٦] في شعاب مكة وهو صغير، ثم رجع. وقيل: إنه ضل وهو مع عمه في طريق الشام، وكان راكبًا ناقة في الليل، فجاء إبليس يعدل بها عن الطريق، فجاء جبريل، فنفخ إبليس نفخة ذهب منها [إلى الحبشة] [٧]، ثم عدل بالراحلة إلى الطريق. حكاهما البغوي.


(٧) أخرجه الطبري (٣٠/ ٢٣٢). وفي إسناده الحكم بن طهير وهو متروك.
(٨) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" في باب: الفتن، باب: ما ذكر في عثمان، حديث (٧٤) (٨/ ٦٩٧) مطولًا بأتم من ذلك وليس فيه ذكر الآية.