للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أتَاك على قُنوطٍ منك غَوثٌ … يَمُنُّ به اللطيف المستجيبُ

وَكُلُّ الحادثاتِ إذا تَنَاهَتْ … فَمَوْصُولٌ بِها الفَرَجُ القَرِيبُ

وقال آخر:

وَلَرُب نازلة يَضيقُ بهَا الفَتَى … ذَرْعًا، وعندَ الله منها المَخْرَجُ

كَمُلت، فَلَما استحْكَمَتْ حلقاتُها … فُرجَت، وكَان يَظُنها لا تُفْرَج

وقوله: ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (٧) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ﴾، أي: إذا فرغت من أمور الدنيا وأشغالها وقطعت علائقها، فانصب في العبادة، وقم إليها نشيطًا فارغ البال، وأخلص لربك النية والرغبة. ومن هذا القبيل قوله في الحديث المتفق [١] على صحته (١٢): " لا صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان". وقوله (١٣): : "إذا أقيمت الصلاة وحضر العشاء فابدءوا بالعَشاء".

قال مجاهد في هذه الآية: إذا فرغت من أمر الدنيا فقمت إلى الصلاة، فانصب لربك، وفي رواية عنه: إذا قمت إلى الصلاة فانصب في حاجتك، وعن ابن مسعود: إذا فرغت من الفرائض فانصب [٢] في قيام الليل. وعن ابن عياض نحوه. وفي رواية عن ابن مسعود: ﴿فَانْصَبْ (٧) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ﴾ بعد فراغك من الصلاة وأنت جالس.

وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ﴾ يعني: في الدعاء.

وقال زيد بن أسلم، والضحاك: ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ﴾، أي: من الجهاد [٣] ﴿فَانْصَبْ﴾، أي: في العبادة. ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ﴾ قال الثوري: اجعل نيتك ورغبتك إلى الله ﷿.

آخر تفسير سورة ألم نشرح، ولله الحمد [والمنة وبه التوفيق والعصمة]

* * * *


(١٢) صحيح مسلم، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: كراهة الصلاة حضرة الطعام الذي يريد أكله في الحال، حديث (٦٧/ ٥٦٠) (٥/ ٦٥) من حديث عائشة . ولم أجده في البخاري، وقد أورده ابن حجر في الفتح من حديث عائشة ونسبه لمسلم دون البخاري كما في فتح الباري (٢/ ٢٤٢). والذي في الصحيحين الحديث الذي بعده.
(١٣) أخرجه البخاري في كتاب: الأطعمة، باب: إذا حضر العشاء فلا يعجل عن عشائه، حديث (٥٤٦٥) (٩/ ٥٨٤). ومسلم في كتاب: المساجد، باب: كراهة الصلاة لحضرة الطعام الذي يريد كله في الحال … حديث (٦٥/ ٥٥٨) (٥/ ٦٣). كلاهما من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به.