للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل: معناه ﴿فَأُمُّهُ﴾ التي يرجع إليها، ويصير في المعاد إليها ﴿هَاويَةٌ﴾ وهي اسم من أسماء النار.

قال ابن جرير: وإنما قيل للَّهاوية: أمه؛ لأنه لا مأوي له غيرها.

وقال ابن زيد: الهاوية: النار، التي [١] هي أمه ومأواه التي يرجع إليها ويأوي إليها، وقرأ: ﴿ومأواهم النار﴾.

قال ابن أبي حاتم: وروي عن قتادة [٢] أنه قال: هي النار، وهي مأواهم؛ ولهذا قال تعالى مفسرًا للَّهاوية: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (١٠) نَارٌ حَامِيَةٌ﴾.

قال ابن جرير (١): حدثنا ابن عبد الأعلى: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن الأشعت بن عبد الله الأعمي؛ قال: إذا مات المؤمن ذهب بروحه إلي أرواح المؤمنين، فيقولون: روحوا أخاكم فإنه كان في غم الدنيا. قال: ويسألونه: ما فعل فلان؟ فيقول: مات، أو ما جاءكم؟ فيقولون: ذهب به إلي أمه الهاوية.

وقد رواه ابن مردويه من طريق أنس بن مالك مرفوعًا، بأبسط من هذا: وقد أوردناه في كتاب صفة النار، أجارنا الله منها بمنَّه وكرمه.

وقوله: ﴿نَارٌ حَامِيَةٌ﴾ أي: حارة شديدة الحر، قوية اللَّهيب [٣]، والسعير.

قال أبو مصعب، عن مالك (٢)، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة: إن النبي ؛ قال: "نار بني آدم التي توقدون جزء من سبعين جزءًا من نار جهنم". قالوا: يا رسول الله؛ إن كانت لكافية؟ فقال: "إنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءًا".

ورواه البخاري، عن إسماعيل بن أبي أويس، عن مالك. ورواه مسلم عن قتيبة، عن المغيرة بن عبد الرحمن، عن أبي الزناد به. وفي بعض ألفاظه: "إنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءًا، كلهن مثل حرها".


(١) تفسير الطبري (٣٠/ ٢٨٢).
(٢) أخرجه مالك في موطئه في كتاب: جهنم، باب: ما جاء في صفة جهنم، حديث (١) (٢/ ٧٥٩). والبخاري في كتاب: بدء الخلق، باب: صفة النار وأنها مخلوقة، حديث (٣٢٦٥) (٦/ ٣٣٠). ومسلم في كتاب: الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: في شدة حر نار جهنم وبعد قعرها، حديث (٣٠/ ٢٨٤٣) (١٧/ ٢٦١).