للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعدك".

وقد استدل به كثير من القراء على أن هذه السورة مدنية، وكثير من الفقهاء على أن البسملة من السورة، وأنها منزلة معها.

فأما قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَعْطَينَاكَ الْكَوْثَرَ﴾، فقد تقدم في هذا الحديث أنه نهر في الجنة. وقد رواه الإمام أحمد (٢) من طريق أخرى، عن أنس فقال: حدثنا عفان، حدثنا حماد، أخبرنا ثابت، عن أنس: أنه قرأ هذه الآية: ﴿إِنَّا أَعْطَينَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ قال: قال رسول الله : "أعطيت الكوثر فإذا هو نهر يجري، ولم يشق شقًّا، وإذا حافتاه قباب. اللؤلؤ، فضربت بيدي في تربته، فإذا مسكة [١] ذَفِرَةٌ وإذا حصباؤه [٢] اللؤلؤ".

وقال الإِمام أحمد (٣) أيضًا: حدثنا محمَّد بن أبي عدي، عن حميد، عن أنس؛ قال: قال رسول الله : "دخلت الجنة فإذا أنا بنهر، حافتاه خيام اللؤلؤ، فضربت بيدي إلى ما جري فيه الماء، فإذا مسك أذفر، قلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاكه الله ﷿".

ورواه البخاري (٤) في "صحيحه" ومسلم، من حديث شيبان بن عبد الرحمن، عن قتادة، عن أنس بن مالك؛ قال: لما عرج بالنبي إلى السماء قال: "أتيت على نهر؛ حافتاه قباب اللؤلؤ المجوفة [٣]، فقلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر". وهذا لفظ البخاري .

وقال ابن جرير (٥): حدثنا الربيع، أخبرنا [٤] ابن وهب، عن سليمان بن بلال، عن شريك بن أبي نمر؛ قال: سمعت أنس بن مالك يحدثنا؛ قال: لما أسري برسول الله مضى به جبريل في السماء الدنيا، فإذا هو بنهر عليه قصر [٥] من لؤلؤ وزبرجد، فذهب يشم ترابه فإذا هو مسك، قال: "يا جبريل؛ ما هذا النهر؟ قال: هو الكوثر الذي خبأ لك


(٢) مسند أحمد (٣/ ٢٤٧) (١٣٦٠٤).
(٣) مسند أحمد (٣/ ١٠٣) (١٢٠٢٦).
(٤) صحيح البخاري، كتاب: التفسير، باب: سورة إنا أعطناك الكوثر، حديث (٤٩٦٤) (٨/ ٧٣١). وعزاه المزي في تحفة الأشراف (١/ ٣٣٧) (١٢٩٩) لمسلم. وقال المزي: حديث مسلم هذا لم يذكره أبو مسعود ووجدته ملحقًا في كتاب خلف. ا هـ. وتعقبه ابن حجر في النكت بأن الحميدي أورده في أفراد البخاري.
(٥) تفسير الطبري (٣٠/ ٣٢١).