للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبذلك فقد صارت بيوت الله - تعالى - أشبه ما يكون بقاعات الأفراح.

نقول: فإذا انتفت مثل هذه المفاسد العظيمة جاز إقامة الأعراس في المساجد، وإن كان الأولى أن نجنِّب المساجد مثل هذه الأمور، وأن نجعل ذلك في قاعات مخصصة لذلك، يُفصل فيها الرجال عن النساء , وللنساء في مثل ذلك أن يستخدمنَّ الدفوف (١)، كما ورد عن عائشة- رضى الله عنها- أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار فقال النبي - صلى الله عليه وسلم- "يا عائشة ما كان معكم لهو، فإنَّ الأنصار يعجبهم اللهو. (٢)

في رواية بلفظ: "فقال: فهل بعثتم معها جارية تضرب بالدف وتغني؟ قلت: ماذا تقول؟ قال: تقول:

أَتَيْنَاكُمْ أَتَيْنَاكُمْ ... فَحَيُّونَا نُحَيِّكُمْ

وَلَوْلَا الذَّهَبُ الْأَحْمَرُ ... مَا حَلَّتْ بِوَادِيكُمْ


(١) والدف: بضم الدال وقد تفتح وهو الذي لا جلاجل فيه، فإن كانت فيه فهو المزهر.
(٢) أخرجه البخاري (٥١٦٢) والحاكم (٢٧٤٩) قال ابن العربي: والأصل في جوازالغناء في الأفراح الشرعية أنَّ القلوب تضجر من الجد، فأذن لها في شيء من اللعب ا. هـ ذكره في عارضة الأحوذي (٤/ ٢٤٨)
قلت: واللهو المقصود هو المباح كضرب دف وغناء ليس فيه وصف للمفاتن وما يثير الشهوات. وفي هذا دلالة على أنَّ الذي ورد في سنة النبي- صلى الله عليه وسلم- في مثل هذه الأعراس هو ادخال الفرح على أهل العرس باللهو المباح من الأناشيد التي لا موسيقى فيها، وأما نراه من تناوب المواعظ والكلمات في هذه الأعراس، فهذا خلاف هدي النبي - صلى الله عليه وسلم- ولكن لمَّا كانت هذه الأعراس مقامة في المساجد، فقد يصعب استبدال الكلمات والمواعظ بأناشيد العرس المباحة داخل المساجد، لذا فالأفضل أن تقام في قاعات مخصصة لذلك، تعلو بها أصوات الأناشيد، ويُفصل فيها الرجال عن النساء.

<<  <   >  >>