للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن: مع القول بجواز المحاريب - وهو الراجح - فلا بد أنْ نشير هنا إلى أمرين:

١ - الأمر الأول: حرمة ما يقع في كثير من هذه المحاريب من زخرفة ونقوش، تشغل المصلِّين عن الخشوع في الصلاة، وهذا ممَّا قد نهى عنه الشرع في جملة من الأحاديث، نذكر منها حديث عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ- رضى الله عنه - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دخل الْكَعْبَةَ، فرَأَى قَرْنَي الْكَبْش (١)، فأمر أن تخمِّر، وقال: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي قِبْلَةِ الْبَيْتِ شَيْءٌ يُلْهِي الْمُصَلِّي» (٢)

٢ - الأمر الثاني: حرمة الإسراف الذي نراه في كثير من المحاريب، حيث يُنفق على انشاءها وتجمليها أموالاً طائلة - تصل بلا مبالغة إلى عشرة آلاف - تكفى وحدها في انشاء مسجد آخر، في الوقت الذى ترى الكثير من الفقراء الذين قد عضَّهم الفقر بنابه "يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ" وترى طلبة العلم لا يجدد الواحد منهم من يشتري له كتاباً هو في أمس الحاجة إليه، والله المستعان. (٣)


(١) قال السندي: قوله: "قرني الكبش": هو قرن الكبش الذي فُدى به إسماعيل عليه السلام.
(٢) أخرجه أحمد (١٦٦٣٧) وأبو داود (٢٠٣٠) وصححه الألبانى.
(٣) قال الكاسانى: تَزْيِينَ الْمَسْجِدِ مِنْ بَابِ تَعْظِيمِهِ، لَكِنْ مَعَ هَذَا تَرْكُهُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ صَرْفَ الْمَالِ إلَى الْفُقَرَاءِ أَوْلَى، وَإِلَيْهِ أَشَارَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - حِينَ رَأَى مَالًا يُنْقَلُ إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَقَالَ: "الْمَسَاكِينُ أَحْوَجُ مِنْ الْأَسَاطِينِ"، وانظر بدائع الصنائع (٥/ ١٢٧)

<<  <   >  >>