للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قيل: ما حكم النافلة التي يصلِّيها المرء عند إقامة الصلاة؟

نقول: من أحرم بالنافلة قبل إقامة الصلاة، ثم أقيمت الصلاة وهو في النافلة، فأعدل الأقوال أنْ يقال:

١ - إن علم أنه يُنهى صلاته النافلة دون أن تفوته تكبيرة الإحرام (١)، أتم صلاته، وَلَمْ يَقْطَعْهَا؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}.

٢ - إن علم أنه تفوته تكبيرة الإحرام إذا أكمل النافلة قطعها، لهذه الأحاديث، ويكون الخروج منها بالسلام؛ وذلك لقوله - صلى الله عليه وسلم - "تحليلها التسليم "، ولحديث الرجل الذي صلَّى مع معاذ - رضي الله عنه - فلمَّا أطال معاذ الصلاة سلَّم الرجل وخرج ثم صلَّى وحده، فالصلاة التي خرج منها الرجل لم تكن صلاة كاملة، ومع ذلك فقد خرج منها بالتسليم والله أعلم. (٢)

أما أن يستمر في صلاة النافلة حتى تفوته تكبيرة الإحرام مع الإمام، فالراجح - والله أعلم - هو عدم إجزاء النافلة التى صلاها؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم. إذا إقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة) فقوله صلى الله عليه وسلم. (لا صلاة) هو نفي صحة لا نفي كمال، ويؤيد هذا التوجيه قوله صلى الله عليه وسلم لمن صلَّى النافلة بعد إقامة الصلاة: يَا فُلَانُ بِأَيِّ الصَّلَاتَيْنِ اعْتَدَدْتَ؟ فدل أنَّ الذي أجزأه هي صلاة واحدة فقط، وهي الفريضة؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: فلا صلاة إلا المكتوبة، والله أعلم.


(١) وتكبيرة الإحرام تفوت إذا شرع الإمام في فاتحة الكتاب.
(٢) والرواية التي ورد فيها أن الرجل سلَّم ثم صلَّى وحده، رواها مسلم (٤٦٥) وانظر المغنى (١/ ٤٥٦) والتيسير بشرح الجامع الصغير (١/ ٧٧) وصحيح فقه السنة (١/ ٥١٩)

<<  <   >  >>