لطيفة: قال شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ صِدِّيقٍ الْجَنَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَرَضِيَ عَنْهُ: كُنْت فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَرَأَيْت رَجُلًا بالَ فِي الْمَسْجِدِ فَتَغَيَّظْتُ عَلَيْهِ وَزِدْت فِي تَعْنِيفِهِ، ثُمَّ أَلْزَمْتُهُ أَنْ حَمَلَ ذَلِكَ الْحَصْبَاءَ الَّذِي تَنَجَّسَ بِبَوْلِهِ فِي ثَوْبِهِ حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي زَحْمَةِ الْمَوْسِمِ فَخَشِيت أَنْ يَطَأَهُ النَّاسُ وَيَتَنَجَّسُوا بِهِ قَبْلَ تَطْهِيرِهِ قَالَ: ثُمَّ تَذَكَّرْت قَوْلَهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تَزْرِمُوهُ فَنَدِمْت عَلَى إفْحَاشِي عَلَيْهِ وَرُبَّمَا كَانَ جَاهِلًا أَوْ سَبَقَهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ قَالَ: فَابْتُلِيت فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بِأَنْ سَبَقَنِي الْبَوْلُ فِي إزَارِي وَرِدَائِي وَأَنَا مُحْرِمٌ وَكَانَ عِنْدَهُ تَحَرُّزٌ فِي الطَّهَارَةِ، وَرُبَّمَا جَاوَزَهَا إلَى الْوَسْوَسَةِ قَالَ فَخَرَجْت مِنْ الْمَسْجِدِ وَبَقِيت حَائِرًا أَيْنَ أَتَطَهَّرُ وَأُطَهِّرُ إحْرَامِي مَعَ اجْتِمَاعِ النَّاسِ وَكَثْرَتِهِمْ عَلَى الْمِيَاهِ بِمَكَّةَ، فَذَهَبْت إلَى فَسَاقِي بَابِ الْمُعَلَّى، فَاسْتَقْبَلَنِي رَجُلٌ مِنْ السَّقَّايِينَ الَّذِينَ فِي الرَّكْبِ لَا أَعْرِفُهُ وَلَا أَذْكُرُ أَنِّي رَأَيْته قَبْلَ ذَلِكَ فَقَالَ لِي أَهْلًا وَكَأَنَّك تُرِيدُ تَتَطَهَّرُ؟ فَقُلْت لَهُ: نَعَمْ فَأَعْطَانِي شَيْئًا اسْتَتَرْت بِهِ ثُمَّ نَزَعَ إزَارِي وَرِدَائِي وَدَعَا صِبْيَانَهُ فَأَمْسَكَ بَعْضَهُمْ الْإِزَارَ وَالرِّدَاءَ وَأَفْرَغَ بالدَّلْو مِنْ مَاءٍ كَثِيرٍ حَتَّى طَابَتْ نَفْسِي بِتَطْهِيرِهِمَا وَوَقَفَ الصِّبْيَانُ بِهِمَا فِي الْهَوَاءِ حَتَّى جَفَّا وَأَمَرَهُمْ فَصَبُّوا عَلَيَّ حَتَّى طَابَتْ نَفْسِي بِحُصُولِ الطَّهَارَةِ، ثُمَّ أَلْبَسُونِي إحْرَامِي، فَصِرْت مُتَعَجِّبًا مِنْ وُقُوعِ مِثْلِ هَذَا مِنْ هَذِهِ الطَّائِفَةِ وَعَلِمْت أَنَّ ذَلِكَ بِنَدَمِي عَلَى إفْحَاشِي عَلَى الَّذِي سَبَقَهُ الْبَوْلُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وانظر طرح التثريب (٢/ ١٣٩)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute