للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال تعالى (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) (الجن /١٨)

والْمُرَادُ بِإضَافَةِ المساجد لِلَّهِ - تَعَالَى - في الآية: هِيَ إِضَافَةُ تَشْرِيفٍ لهذه المساجد، التي هي بيوت الله - تعالى - في الأرض، مَعَ ما في هذه الاضافة من الْإِشْعَارِ بِاخْتِصَاصِ المساجد للَّهِ، أَيْ: بِعِبَادَتِهِ وَذِكْرِهِ، كَمَا في قوله تَعَالَى: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (٣٦) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاة وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (٣٧) (النور /٣٦ - ٣٧) وَلِهَذَا مُنِعَتْ مِنَ اتِّخَاذِهَا لِأُمُورِ الدُّنْيَا مِنْ بَيْعٍ وَتِجَارَة. (١)

وكذلك ورد في سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يؤكد هذا المعنى ,كما في حديث الأعرابي الذي دخل فبال في ناحية المسجد, فلما قضى بوله ,قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: إنَّ هذه المساجد لم تبن لهذا. (٢)

قال القرطبي: قول النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -للرَجُل للذي قَالَ: مَنْ دَعَا إِلَى الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ: (لَا وَجَدْتَ إِنَّمَا بُنِيَتِ الْمَسَاجِدُ لِمَا بُنِيَتْ لَهُ). وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ أَلَّا يُعْمَلَ فِي الْمَسْجِدِ غَيْرُ الصَّلَوَاتِ وَالْأَذْكَارِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ. (٣)


(١) وانظر أضواء البيان (٨/ ٣٢١)
(٢) متفق عليه
(٣) وانظر الجامع لأحكام القرآن (١٢/ ١٧٨). والاستذكار (٢/ ٣٦٨) والشرح الممتع (٤/ ٥٣٣)

<<  <   >  >>