للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتأمل في هذه الواقعة: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ- رضي الله عنه - قَالَ: اعْتَكَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَسْجِدِ، فَسَمِعَهُمْ يَجْهَرُونَ بِالْقِرَاءَةِ، فَكَشَفَ السِّتْرَ، وَقَالَ: «أَلَا إِنَّ كُلَّكُمْ مُنَاجٍ رَبَّهُ، فَلَا يُؤْذِيَنَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَلَا يَرْفَعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْقِرَاءَةِ»، أَوْ قَالَ: «فِي الصَّلَاةِ» (١)

ففي هذا الحديث قد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم -عن التشويش على أهل المسجد من المصلين والقارئين، حتى ولو كان هذا التشويش بصوتٍ يعلو من قارىء للقرآن، فكيف إذا كان هذا التشويش بأمر من أمور الدنيا؟ ! !

لذا وبناءً على ما سبق فقد حرَّم الشرع كل ما من شأنه التشويش على عمَّار المساجد من المصلين أو القارئين؛ وذلك لأنَّ هذا ينافى الوظيفة الرئيسية التى من أجلها بُنيت المساجد، والتى هى تعميرها بذكر الله وعبادته.

ومن هنا ولهذه العلة فقد ورد فى الشرع النهى عن جملة من الأمور أن تُفعل فى المسجد؛ وذلك لأنَّ من شأنها التشويش على المصلين، ومن ذلك النهي عن البيع والشراء في المسجد.

كما أنَّ ممارسة البيع في المسجد تخالف المقصود الذي بُنيت من أجله المساجد.

دليل تحريم البيع والشراء فى المسجد: عن أبي هريرة- رضى الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد، فقولوا: لا أربح الله تجارتك، وإذا رأيتم من ينشد فيه ضالة، فقولوا: لا رد الله عليك " (٢)


(١) أخرجه أحمد (١١٨٩٦) وأبوداود (١٣٣٢) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (١٥٩٧)
(٢) أخرجه الترمذي (١٣٢١) وابن خزيمة (١٣٠٥) وحسنه الترمذى وصححه الألبانى فى الإرواء (ح/ ١٢٩٥)
فائدة: الظاهر من الحديث أنَّ الدعاء على من باع فى المسجد يكون قولاً باللسان جهراً , للحديث الذى رواه مسلم عن بريدة أنَّ رجلاً نشد جملاً فى المسجد , فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا وجدت، وانظرسبل السلام (١/ ٣٠٩) وتحفة الأحوذي (٤/ ٤٥٨) والثمر المستطاب (١/ ٦٩١)

<<  <   >  >>